فيكون أمنا مشتملا (١) على تطهير الله لنفوس المؤمنين ودالا عليه ، فيكون صبغة الله بمعنى تطهير الله مؤكّدا لمضمون قوله : (آمَنَّا بِاللهِ) ، ثمّ أشار إلى وقوع تطهير الله في صحبة ما يعبّر بالصّبغ تقديرا بقوله : [والأصل فيه] ، أي ـ في هذا المعنى ، وهو ذكر التّطهير بلفظ الصّبغ ـ [أنّ النّصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر يسمّونه المعموديّة ، ويقولون : إنّه] ، أي الغمس في ذلك الماء [تطهير لهم].
فإذا فعل الواحد منهم بولده ذلك ، قال : الآن صار نصرانيّا حقّا ، فأمر المسلمون بأن يقولوا للنّصارى : قولوا آمنّا بالله وصبّغنا الله بالإيمان صبغة لا مثل صبغتنا وطهّرنا به تطهيرا لا مثل تطهيرنا.
هذا إذا كان الخطاب في قوله : قولوا آمنّا بالله للكافرين ، وإن كان الخطاب للمسلمين ، فالمعنى أنّ المسلمين أمروا بأن يقولوا : صبّغنا الله بالإيمان صبغة ، ولم نصبغ صبغتكم أيها النّصارى [فعبّر عن الإيمان بالله بصبغة الله للمشاكلة] لوقوعه في صحبة صبغة النّصارى تقديرا [بهذه القرينة] الحاليّة الّتي هي سبب النّزول من غمس النّصارى أولادهم ـ في الماء الأصفر ، وإن لم يذكر ذلك لفظا.
________________________________________________________
(١) أي من حيث المعنى على تطهير الله لنفوس المؤمنين ، من باب اشتمال الملزوم على اللّازم ودلالته عليه.
وحاصل الكلام في المقام : أنّه لمّا كان الإيمان المدلول ل (آمَنَّا) متضمّنا ، أي مستلزما للتّطهير عن رذيلة الكفر كان صفة الدالّ على التّطهير مؤكّدا ل (آمَنَّا) لدلالته على لازمه البيّن ، ومؤكّدا للّازم مؤكّدا للملزوم ، وقد أشار إلى تقريب المشاكلة بقوله : «والأصل فيه» ، أي في هذا المعنى وهو ذكر التّطهير بلفظ الصّبغ تقديرا «أنّ النّصارى كانوا يغمسون أولادهم ماءا أصفر» اللّون بسبب شيء يجعلونه في ذلك الماء كالزّعفران مثلا «يسمّونه» أي الماء الأصفر المعموديّة «ويقولون» أي يظّنون أنّ الغمس في ذلك الماء تطهير لهم من غير دينهم ، «فأمر المسلمون بأن يقولوا لهم» أي للنّصارى «قولوا» بدل ذلك الغمس «آمنّا بالله وصبّغنا الله بالإيمان صبغة» لا مثل صبغتنا بذلك الماء ، وطهّرنا الله به ، أي بالإيمان تطهيرا مخصوصا لا مثل تطهيرنا بذلك الماء ، فإذا قلتم ذلك واعتقدتموه فقد أصبتم وإلّا فأنتم في ضلال ، هذا إذا كان الخطاب «في قولوا آمنّا للكافرين» ، أي النّصارى ، وأمّا إذا كان الخطاب «في قوله : قولوا