في الأساس تقصّيته ، أي بلغت أقصاه ، أي اجتهدا في النّظر وأبلغا أقصى نظريكما [تريا وجوه الأرض كيف (١) تصوّر] أي تتصوّر حذفت التّاء ، يقال صوّره الله صورة حسنة فتصوّر [تريا نهارا مشمسا] أي ذا شمس لم يستره غيم [قد شابه] أي خالطه [زهر الرّبى خصّها (٢) لأنّها (٣) أنضر وأشدّ خضرة ، ولأنّها (٤) المقصود بالنّظر [فكأنّما هو] أي ذلك النّهار (٥) المشمس الموصوف [مقمر] أي ليل ذو قمر ، لأنّ (٦) الأزهار باخضرارها قد نقصت من ضوء الشّمس حتّى صار يضرب (٧) إلى السّواد. فالمشبّه مركّب (٨) ،
________________________________________________________
والشّاهد في البيت : كونه مشتملا على تشبيه أحد طرفيه إلى المشبّه مركّب ، وطرفه الآخر ، أي المشبّه به مفرد ، لأنّ المشبّه في الحقيقة هي الهيئة المنتزعة من النّهار ، وكونه ذا شمس ومشوب ضوئه بزهر الرّبا ، والمشبّه به هو قوله : «مقمر».
(١) أي قوله : «كيف تصوّر» مقول لقول محذوف ، أي قائلين على وجه التّعجب كيف تصوّر ، أي كيف تصير صورتها حسنة بأزهار الرّبيع ، فهو من الصّورة ، أو كيف تتصوّر وتتشكّل ، فهو من التّصور.
(٢) أي زهر الرّبا بالذّكر ، وأنّث الضّمير لاكتساب زهر التّأنيث من المضاف إليه ، ويحتمل أن يكون الضّمير في «خصّها» ، يعود إلى «الرّبا» ، أي خصّ الرّبا بالذّكر ، دون سائر البقاع ، لأنّها أي الرّبوة أنضر من غيرها باعتبار ما فيها من الزّرع.
(٣) أي زهر الرّبا أو الرّبوة أنضر وأشدّ خضرة من زهر غيرها ، لبعدها عن الوطي بالأرجل.
(٤) أي الرّبوة بمعنى المكان العالي والمرتفع هو المقصود بالنّظر ، لأنّ الشّخص بحسب الشّأن يبدأ بالنّظر للعالي ، ثمّ بما دونه.
(٥) أي ضوء ذلك النّهار المشمس الموصوف بأنّه قد خالطه لون زهر الرّبا.
(٦) أي قوله : «لأنّ الأزهار ...» ، علّة لقوله : «فكأنّما هو مقمر».
(٧) أي حتّى صار الضّوء يميل إلى السّواد ، فصار بذلك النّهار المشمس كاللّيل المقمر لاختلاط ضوئه بالسّواد.
(٨) أي المشبّه هو النّهار المشمس الّذي شابه زهر الرّبا أي الهيئة المنتزعة من ذلك ، فيكون مركّبا ، وفي المطوّل ما حاصله من أنّ التّمثيل بهذا المثال لتشبيه المركّب بالمفرد لا يخلو