أضاف إلى الثّقل حال الملاقاة ، وإلى الخفة حال الدّعاء ، وهكذا إلى الآخر. [والثّاني استيفاء أقسام الشّيء ، كقوله تعالى : (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً)(١)] فإنّ الإنسان إمّا أن يكون له ولد ، أو يكون له ذكر أو أنثى ، أو ذكر وأنثى ، وقد استوفى في الآية جميع الأقسام.
________________________________________________________
إن كان مشهورا بالشّجاعة ، ولتخفي حاله إن كان شيخا ، فلا يطمع فيه خصمه الثّابت وشبّههم بالمرد لعدم ظهور لحاهم وسترها باللثّام لكثرة ملازمتهم للحروب ، «فهم ثقال» إذا لاقوا أي حاربوا الأعداء و «خفاف» أي مسرعين إلى الإجابة إذا دعوا إلى كفاية منهم ومدافعة خطب أي أمر شديد «وهم كثيرا إذا شدّوا» بفتح الشّين أي حملوا على الأعداء ، وإنّما قال : هم كثير لأنّ واحدا منهم يقوم مقام جماعة «وهم قليل إذا عدوا».
فالمتحصّل أنّ هذين البيتين للمتنبّي والقنا واحدة قناة وهي الرّمح ، والتثموا وضعوا اللثّام على الفم والأنف في الحرب ، ومرد جمع أمرد وهو الّذي لا لحيّة له.
(١) من المزاوجة بمعنى الجمع أي يجمع لهم (ذُكْراناً وَإِناثاً).
(٢) أي لا يولد أصلا ، لأنّ الله عليم بالحكمة في ذلك ، قدير على ما يريد ، وإنّما كانت الآية المباركة من قبيل استيفاء أقسام الشّيء فإنّ الإنسان المتزوج إمّا أن يكون له ولد أو لا يكون له ولد ، وإذا كان له ولد فإمّا أن يكون الولد ذكرا فقطّ أو أنثى كذلك ، أو ذكرا وأنثى معا ، فقد استوفى جميع الأقسام وذكرها ، وإنّما قدّم ذكر الإناث لأن سياق الآية على أنّه تعالى يفعل ما يشاء ، لا ما يشاؤه الإنسان.
وبعبارة أخرى إنما قدّم الإناث في الذّكر هنا ، لأنّ سياق الآية في بيان أنّه ليس للإنسان ما يشاء من الولاة ، وإنّما يكون منها ما يشاؤه الله تعالى ، والّذي لا يريده الإنسان هو الإناث فناسب تقديم الدّال عليهنّ.
والشّاهد :
أن في الآية التّقسيم بمعنى استيفاء أقسام الشّيء.
__________________
(١) سورة الشّورى : ٥٠.