[دراكا (١)] أي متتابعا [فلم ينضح بماء فيغسل] مجزوم معطوف على ينضح ، أي لم يعرق فلم يغسل (٢) ، ادّعى أنّ فرسه أدرك ثورا ونعجة في مضمار واحد ولم يعرق ، وهذا ممكن عقلا وعادة [وإن كان ممكنا عقلا لا عادة ، فإغراق (٣) ، كقوله (٤) : ونكرم جارنا ما دام فينا ونتّبعه] من الاتّباع ، أي نرسل [الكرامة] على أثره [حيث ما لا] أي سار ، وهذا ممكن عقلا لاعادة ، بل في زماننا يكاد يلحق بالممتنع عقلا ، إذ كلّ ممكن عادة ممكن عقلا.
________________________________________________________
وحاصل المعنى أنه وإلى ذلك الفرس في شوط واحد بين ثور ونعجة ، أراد بالثّور الذّكر من بقر الوحش ، وبالنّعجة الأنثى منها ، أي وإلى ذلك الفرس بين هذين الصّيدين ، أي جرح أحدهما على أثر الآخر في شوط واحد أي إذا ألقى أحدهما على وجه الأرض أثر الآخر في شوط واحد من غير أن يتخلّله وقفة لراحة ونحوهما.
(١) بكسر الدّال على وزن كتاب ، أي متتابعا ، وهو تأكيد لقوله : (عداء) لأنّ التّتابع والموالاة بمعنى واحد.
(٢) يحتمل أنّه أراد بالغسل المنفي غسل العرق ، فيكون تأكيد نفي العرق ، ويحتمل أنّه أراد به الغسل بالماء القراح ، أي لا يصبه وسخ العرق وأثره حتّى يحتاج للغسل بالماء القراح.
والشّاهد في أنّه ادّعى أنّ هذا الفرس أدرك ثورا ونعجة وحشيين في مضمار ، أي في شوط واحد ، ولم يعرق ، وهذا ممكن عقلا وعادة ، وإن كان وجود ذلك الفرس في غاية النّدرة ، ومن ثمّ كانت مبالغة.
(٣) أي يسمّى إغراقا ، مأخوذ من قولهم : أغرق الفرس ، إذا استوفى الحدّ في جريه.
(٤) أي قول الشّاعر ، وهو عمرو بن الأيهم التّغلبي.
والشّاهد في أنّه «ادّعى أنّ جاره لا يميل» أي لا يسافر ولا يبعد «عنه إلى جانب إلا وهو» أي المتكلّم يرسل الكرامة والعطاء على أثره ، وهذا ممكن عقلا ممتنع عادة.
فقد ادّعى الشّاعر أنّهم يكرمون الجار في حالة كونه مقيما عندهم ، وفي حالة كونه مع غيرهم وارتحاله عنهم ، فالوصف المبالغ فيه كرمهم ، ولا شكّ أنّ إكرام الجار في حالة كونه مع الغير وارتحاله عنهم محال عادة ، حتّى أنّه يكاد أن يلتحق بالمحال عقلا في هذا الزّمان ، لانطباع النّفوس على الشّحّ.