دون القطعيّات المعتبرة في البرهانيات (١) ، [وقوله (٢) : حلفت (٣) ، فلم أترك لنفسك (٤) ريبة] أي شكّا [وليس وراء الله للمرء مطلب] فكيف يحلف به كاذبا [لئن كنت] اللّام لتوطئة القسم [قد بلغت عني وشاية لمبلغك] اللّام جواب القسم [الواشي (٥) أغشّ] من وشاية إذا خان [وأكذب ولكنني كنت امرء لي جانب (٦) من الأرض فيه] أي في ذلك الجانب [مستراد (٧)] أي موضع طلب الرّزق من (٨) راد الكلأ ، [ومذهب (٩)]
________________________________________________________
والحاصل إنّ هذا الدّليل إقناعي لا برهاني.
(١) أي الأدلة المفيدة لليقين.
(٢) أي قول النّابغة في قصيدة يعتذر فيها إلى النّعمان بن المنذر ، وقد كان مدح آل جفنة بالشّام ، فتنكّر النّعمان من ذلك المدح ، لأنّه كان بينهم وبينه عداوة.
(٣) أي حلفت لك بالله ما أبغضتك ولا احتقرتك ، ولا عرضت عند مدحي آل جفنة بذمّك ، أي ما كان قصدي عند مدحي إيّاهم التّعريض بذمّك.
(٤) بسبب الحلف «ريبة» ، فحاصل المعنى أنّي لم أبق عندك بسبب اليمين شكّا في أنّي لست لك بمبغض ، ولا عدوّ بل إني باق على إخلاصي ومحبّتي لك الّذي كنت عليه ، فلم أترك بسبب هذا اليمين نفسك تتّهمني بأنّي غيّرت إخلاصي لك ، وأبدلتك بغيرك ، «وليس وراء الله للمرء مطلب» أي هو أعلى المطالب ، والحلف به أعلى الأحلاف ، فلا ينبغي للمحلوف له بالله العظيم أن يطلب ما يتحقّق به الصّدق سوى اليمين بالله ، إذ ليس وراء الله أعظم منه يطلب الصّدق بالحلف به ، لأنّه أعظم وأعلى من كلّ شيء ، فلا يكون الحالف به كاذبا ، فاليمين به كاف عن كلّ يمين وقسم.
(٥) وهو المفتن الّذي يذهب بالكلام على وجه الإفساد.
(٦) بمعنى الجهة ، أي لي جهة مخصوصة من الأرض لا يشاركني فيها غيري من الشّعراء ، وأراد بذلك الجانب من الأرض الاشام.
(٧) أي موضع يتردّد فيه لطلب المعيشة والرّزق من ملوك الشّام يعني آل جفنة.
(٨) والمستراد مأخوذ من راد الكلأ ، أي الحشيش ، حاصل المعنى : المراد هنا طلب المعروف من ملوك الشّام.
(٩) أي ذهاب لقضاء الحاجات ، لكون ذلك الجانب مظنّة الغنى والوجدان.