لأنّ مفهوم هذا الكلام هو أن نيّة الجوزاء خدمة الممدوح علّة لرؤية عقد النّطاق عليها ، أعني لرؤية حالة شبيهة بانتطاق المنطقة ، كما يقال : لو لم تجئني لم أكرمك ، يعني أنّ علّة الإكرام هي المجيء ، وهذه صفة ثابتة قصد تعليلها بنيّة خدمة الممدوح ، فيكون من الضّرب الأوّل ، وهو الصّفة الثّابتة الّتي قصد بيان علّتها. وما قيل (١) : إنّه أراد أنّ الانتطاق صفة ممتنعة الثّبوت للجوزاء ، وقد أثبتها الشّاعر ، وعلّلها بنيّة الجوزاء خدمة الممدوح. فهو (٢) مع أنّه مخالف (٣) لصريح كلام المصنّف في الإيضاح ليس بشيء ، لأنّ حديث انتطاق الجوزاء (٤) أعني (٥) الحالة الشّبيهة بذلك ، ثابت بل محسوس (٦). والأقرب (٧) أن يجعل ـ لو ـ ههنا مثلها في قوله تعالى : [(لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ
________________________________________________________
كون نيّة الجوزاء خدمة للممدوح ، فلا يتوجّه عليه ما ذكره التفتازاني بقوله : «وفيه بحث».
(١) أي في الجواب عن المصنّف ، وفي ردّ قول المعترض ، فيكون من الضّرب الأوّل ، وحاصله : أن يجعل البيت على قاعدة اللّغة ، ويكون من هذا الضّرب بأن يراد بالانتطاق ، الانتطاق الحقيقي ، وهو جعل النّطاق الحقيقي في الوسط ، لا حالة شبيهة به ، ولا شكّ أنّ رؤيته بالجوزاء غير ثابتة.
(٢) هذا ردّ لما قيل ، بوجهين : الأوّل مخالفته لما في الإيضاح ، والثّاني أنّ المراد بالانتطاق الحالة الشّبيهة به لا الحقيقي.
(٣) لأنّ كلامه صريح في أنّ المعلّل نيّة الخدمة ، والعلّة رؤية الانتطاق لا العكس كما ذكره هذا القائل.
(٤) الإضافة للبيان.
(٥) أي وحمل الانتطاق على الحقيقي مع قيام القرينة على إرادة خلافه ، وهو هيئة إحاطة النّجوم بالجوزاء إحالة للدّلالة عن وجهها فلا وجه له.
(٦) أي فلا يكون من هذا الضّرب.
(٧) أي في تخريج هذا البيت ، وحاصل ما ذكره الشّارح أنّ (لو) هنا ليست لامتناع الجواب لامتناع الشّرط ، كما هو شائع فيها ، بل للاستدلال بانتفاء الجزاء على انتفاء الشّرط لأنّ الشّرط علّة في الجزاء ، فيصحّ الاستدلال بوجود الجزاء على وجود الشّرط ، وبعدمه على عدمه ، لأنّ وجود المعلول يدلّ على وجود علّته ، وعدم وجود المعلول يدلّ على عدم علّته ، فالشّاعر