لو لم تكن نيّة الجوزاء ، خدمته |
|
لما رأيت عليها عقد منتطق (١)] |
ومن انتطق ، أي شدّ النّطاق ، وحول الجوزاء كواكب يقال لها : نطاق الجوزاء ، فنيّة الجوزاء خدمة الممدوح صفة غير ممكنة قصد إثباتها ، كذا في الإيضاح ، وفيه (٢) بحث.
________________________________________________________
(١) العقد مصدر بمعنى الشّدّ والرّبط ، والمنتطق اسم فاعل أو اسم مفعول ، أي منتطق به ، وعلى كلا الوجهين مأخوذ من انتطق ، أي شدّ النّطاق في وسطه و «الجوزاء» أحد البروج الاثني عشر ، وحول الجوزاء كواكب ، يقال لها : نطاق الجوزاء.
وحاصل معنى البيت : أنّ الجوزاء مع ارتفاعها لها عزم ونيّة على خدمة الممدوح ، ومن أجل ذلك انتطقت ، أي شدّت النّطاق لخدمته ، فلو لم تنو خدمته ما رأيت عليها نطاقا شدّت به وسطها.
وأمّا الشّاهد «فنيّة الجوزاء خدمة الممدوح صفة غير ممكنة» ، لأنّ النّيّة بمعنى العزم والإرادة ، يكون ممّن له إدراك ، بخلاف غيره ، وكيف كان فنيّة الجوزاء خدمة الممدوح غير ممكنة ، وهو المقصود هنا.
(٢) أي فيما قاله في الإيضاح بحث حاصله : أنّ أصل (لو) أن يكون جوابها معلولا لمضمون شرطها ، فإذا قلت : لو جئتني أكرمك ، كان التّركيب مفيدا أنّ العلّة في عدم الإكرام عدم المجيء ، وإذا قلت : لو لم تأتني لم أكرمك ، كان التّركيب مفيدا أنّ العلّة في وجود الإكرم الإتيان.
وظاهر المصنّف أنّ المعلول مضمون الشّرط ، والعلّة فيه مضمون الجزاء ، عكس ما هو مشهور المقرّر في (لو) ، ولو أجرى البيت على المقرّر فيها ، بأن جعل نية خدمة الممدوح علّة لانتطاق الجوزاء ، لكان ذلك البيت من الضّرب الأوّل من الضّربين الأوّلين ، لأنّ ثبوت الانتطاق معلوم ومحسوس ، لا يحتاج إلى دليل يحصل به العلم بثبوته.
وإذا جعل الانتطاق دليلا على كون النّيّة خدمة للممدوح كان من الضّرب الأخير من الضّربين الأخيرين ، أي كان من الضّرب الرّابع فيصحّ التّمثيل به ، وذلك لأنّ كون النّيّة خدمة الممدوح ممّا هو مجهول لا يعلمه ، بل لا يقرّ به أحد غير الشّاعر ، فحينئذ يمكن حمل كلام المصنّف في الإيضاح على هذا القسم بأن يقال : مراده فيه أنّ انتطاق الجوزاء جعل علّة ، أي دليلا على