[إنساني] ، أي إنسان عيني [من الغرق ، فإنّ استحسان إساءة الواشي ممكن ، لكن لما خالف] ، أي الشّاعر [النّاس فيه] إذ لا يستحسنه النّاس [عقبه] ، أي عقب الشّاعر استحسان إساءة الواشي [بأنّ حذاره منه] ، أي من الواشي [نجى إنسانه من الغرق في الدّموع] ، أي حيث ترك البكاء خوفا منه ، [أو غير ممكنة ، كقوله :
________________________________________________________
والحاصل :
إنّ إساءتك أوجبت حذاري منك ، فلم أبك لئلّا تشعر بأنّي عاشق ، فيذهب إلى المحبوبة ، فيقول لها كلاما ، ويأتي عندي ويقول كلاما فيفسد بيني وبني المحبوبة ، ولما تركت البكاء نجا إنسان عيني من الغرق في الدّموع.
وأما الشّاهد :
فإنّ استحسان إساءة الواشي ممكن ، لكن لما خالف الشّاعر كلّ «النّاس فيه» أي في استحسان إساءة الواشي ، حيث «لا يستحسن النّاس» إساءة الواشي ، وإن كان ممكنا «عقبه» ، أي عقب الشّاعر «استحسان إساءة الواشي بأن حذاره» أي حذار الشّاعر «منه» ، أي من الواشي «نجى إنسانه» ، أي إنسان عين الشّاعر من الغرق في الدّموع حيث ترك البكاء خوفا منه ، أي من الواشي ، وليعلم أن الغرق في الدّموع كناية عن العمى.
فإن قلت : إنّ صحة التّمثيل بهذا البيت متوقّفة على أمرين :
الأوّل : عدم وقوع المعلّل.
والثّاني : كون العلّة غير مطابقة لنفس الأمر ، وكلا الأمرين غير ثابت في البيت ، لأنّ من ادّعى أنّ إساءة الواشي حسنت عنده لغرض من الأغراض لا يعدّ كاذبا ، وحينئذ فالصّفة المعلّلة على هذا ثابتة والعلّة الّتي هي نجاة إنسانه من الغرق بترك البكاء لخوف الواشي ، لا يكذّب مدعّيها لصحّة وقوعها ، وحينئذ لا يكون هذا البيت من هذا القسم ، ولا من حسن التّعليل ، وذلك لأنّه لمطابقة العلّة لا يكون من حسن التّعليل ، ولثبوت العلّة لا يكون من هذا القسم.
قلت : المعتاد أن حسن إساءة الواشي لا يقع من أحد ، فعدم وقوع الصّفة مبنيّ على المعتاد وترك البكاء لخوف الواشي ، باطل عادة ، لأنّ من غلبه البكاء لم يبال بمن حضر عادة ، سواء كان واشيا ، أو غير واش ، فدعاوي الشّاعر استحسانات فرضيّة ، لأنّ أحسن الشّعر أكذبه ، فصحّ التّمثيل بالبيت.