بشيء آخر ، كقوله (١) :
نهبت (٢) من الأعمار ما لو حويته |
|
لهنئت الدّنيا بأنّك خالد |
مدحه بالنّهاية في الشّجاعة] حيث جعل قتلاه بحيث يخلّد وارث أعمارهم [على وجه (٣) استتبع مدحه بكونه سببا لصلاح الدّنيا ونظامها] إذ لا تهنئة لأحد بشيء لا فائدة فيه ، قال علي بن عيسى الرّبعي : [وفيه] ، أي في البيت وجهان آخران من المدح (٤) أحدهما [أنّه (٥) أنّه نهب الأعمار دون الأموال] كما هو مقتضى علوّ الهمّة (٦) ، وذلك مفهوم من تخصيص الأعمار بالذّكر ، والإعراض عن الأموال مع أنّ النّهب بها أليق ، وهم
________________________________________________________
(١) أي كقول أبي الطّيّب في مدح سيف الدّولة :
(٢) أي أخذت على وجه القهر والاختطاف «من الأعمار ما لو حويته» ، أي لو اشتمل عليه عمرك «لهنئت الدّنيا» ، أي لقيل للدّنيا هنيئا لك «بأنّك» فيها «خالد» ، والشّاهد فيه أنّ الشّاعر قد مدحه بالنّهاية في الشّجاعة إذا كثر قتلاه بحيث لو ورث أعمارهم لخلد في الدّنيا.
(٣) متعلّق بقوله : «مدحه» ، والمراد من الوجه كون الدّنيا مهنئة بخلوده لو ورث أعمار المقتولين ، وهذا الوجه استتبع ، أي استلزم مدحه بكونه سببا لصلاح الدّنيا ونظامها ، حيث جعل الدّنيا مهنأة بخلوده ، ولا معنى لتهنئة أحد بشيء لا فائدة منه.
والحاصل إنّ الشّاعر لما مدحه بنهاية الشّجاعة ، وجعل خلوده تهنأ به الدّنيا كان مدحه على الوجه المذكور مستتبعا ومستلزما لمدحه بكونه سببا لصلاح الدّنيا وحسن نظامها ، لأنّ المراد بتهنئة الدّنيا تهنئة أهلها ، فلو لم يكن للممدوح فائدة لأهل الدّنيا ما هنئوا ببقائه إذ لا تهنئة لأحد لا فائدة فيه
(٤) أي غير الاستتباع ، فقول التفتازاني «قال علي بن عيسى الرّبعي» إشارة إلى أنّ استخراج هذين الوجهين الآخرين ليس للخطيب كما هو ظاهر المتن ، بل هو ناقل لذلك عن الرّبعي ، ففيه إشارة إلى الاعتراض على الخطيب.
(٥) أي الممدوح.
(٦) وأنّ همته إنّما تتعلّق بمعاني الأمور دون الأموال ، لأنّ الّذي يميل للمال إنّما هو