أي فتثبت أنت في كلامك تلك الصّفة لغير ذلك الشّيء [من غير تعرّض لثبوته له] ، أي لثبوت ذلك الحكم لذلك الغير [أو نفيه عنه نحو : (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)(١) (١)].
فالأعزّ صفة وقعت في كلام المنافقين كناية عن فريقهم ، والأذلّ كناية عن المؤمنين ، وقد أثبت المنافقون لفريقهم إخراج المؤمنين من المدينة ، فأثبت الله تعالى في الرّدّ عليهم صفة العزّة لغير فريقهم ، وهو الله تعالى ورسوله والمؤمنون ، ولم يتعرّض لثبوت ذلك الحكم الّذي هو الإخراج للموصوفين بالعزّة أعني الله تعالى ورسوله والمؤمنين ، ولا لنفيه عنهم.
[والثّاني (٢) حمل لفظ وقع في كلام الغير على خلاف مراده] حال كونه خلاف مراده [ممّا يحتمله] ذلك اللّفظ [بذكر (٣) متعلّقه] ،
________________________________________________________
من القول بالموجب ، وإن قلت : أنا القوي ، وسوف أخرجك من المدرسة بعون الله تعالى لم يكن من القول بالموجب.
(١) فالشّاهد في الآية المباركة هو أنّ الأعزّ صفة وقعت في كلام المنافقين كناية عن فريقهم ، والأذلّ هو أيضا صفة وقعت كناية عن المؤمنين ، فأثبتوا لفريقهم المكنّى عنه بالأعزّ حكما ، وهو الإخراج فأثبت الله تعالى في الرّدّ صفة العزّة لغير فريقهم ، وهو الله والرّسول والمؤمنون ، ولم يتعرّض لثبوت ذلك الحكم الّذي هو الإخراج للموصوفين بالعزّة ، ولا لنفيه عنهم ، إذ قد تقدّم آنفا أنّه لو تعرّض لذلك لم يكن من القول بالموجب.
(٢) أي الضّرب الثّاني من القول بالموجب «حمل لفظ وقع في كلام الغير على خلاف مراده» ممّا يحتمله احتمالا حقيقيّا أو مجازيّا ، فلو كان اللّفظ غير صالح للمعنى الّذي هو خلاف مراده كان الحمل عليه عبئا لا بديعا محسّنا للكلام.
(٣) متعلّق بالحمل ، والباء فيه للسّببيّة ، أي بسبب أن يذكر متعلّق ذلك اللّفظ ، والمراد من المتعلّق على ما يظهر من مساق كلامهم مطلق ما يناسب المعنى المحمول عليه ، لا خصوص لمتعلّق الاصطلاحي ، ممّا تقدّم في بحث متعلّقات الفعل.
__________________
(١) سورة المنافقون : ٨.