أي السّحاب الّذي لا ماء فيه ، وأمّا ما فيه فيكون بطيئا ثقيل المشي ، فكذا حال العطاء ، ففي بيت أبي الطّيّب زيادة بيان لاشتماله على ضرب المثل بالسّحاب. ـ [وثانيها] أي ثاني الأقسام (١) وهو أن يكون الثّاني دون الأوّل (٢) ، [كقول البحتري : وإذا تألّق] أي لمع [في النّدى (٣)] أي في المجلس [كلامه المصقول] المنقّح (٤) ، [خلت] أي حسبت [لسانه من عضبه] أي سيفه القاطع (٥). [وقول أبي الطّيّب (٦)] :
كأنّ ألسنهم في النّطق قد جعلت |
|
على رماحهم في الطّعن خرصانا] |
________________________________________________________
كالسّحاب ، فبطء السّحاب في السّير أكثر نفعا ، وسريعها كالجهام أقلّها نفعا ، فكذلك العطاء فكان تأخّر العطاء أفضل من سرعته.
وإلى هذا أشار الشّارح بقوله : «ففي بيت أبي الطّيّب زيادة بيان لاشتماله على ضرب المثل بالسّحاب».
(١) أي ثاني الأقسام الثّلاثة.
(٢) أي دون الأوّل في البلاغة والحسن.
(٣) وهو على وزن فعيل كما في الصّحاح ، وفي القاموس كفتى ، وهو مجلس القوم ما داموا فيه ، فإن تفرّق القوم فليس بندي.
(٤) أي الخالصّ المصفّى من كلّ ما يشينه.
(٥) أي فقد شبّه البحتري لسان الممدوح بالسّيف القاطع ، والجامع بينهما التّأثير.
(٦) هذا هو القول الثّاني ، قوله : «في النّطق» ، أي في حال النّطق ، ففي الكلام حذف مضاف ، قوله : «في الطّعن» ، أي جعلت خرصانا على رماحهم عند الطّعن ، أي الضّرب بالقنا.
وأمّا الشّاهد : فبيت أبي الطّيّب دون بيت البحتري ، لأنّه قد فاته ما أفاده البحتري بلفظ تألّق ، والمصقول من الاستعارة التّخييليّة ، حيث أثبت التّألق والصّقالة للكلام ، أي لكلام الممدوح كإثبات الأظفار للمنيّة ، ويلزم من هذا التّشبيه كلامه في النّفس بالسّيف القاطع ، وهو استعارة بالكناية حسب ما تقدّم في محلّه.