وترى الطّير على آثارنا (١) رأي عين (٢)] يعني عيانا [ثقة] حال أي واثقة ، أو مفعول له ممّا يتضمّنه قوله : على آثار ، ـ أي كائنة على آثارنا لوثوقها [أن ستمار] أي ستطعم من لحوم من نقتلهم (٣).
[وقول أبي تمّام : وقد ظللت (٤)] أي ألقي (٥) عليها الظّل وصارت ذوات ظل [عقبان (٦) أعلامه (٧) ضحى (٨) بعقبان طير في الدّماء نواهل] من نهل إذا روى نقيض عطش [أقامت] أي عقبان الطّير [مع الرّايات] أي الأعلام وثوقا بأنّها ستطعم لحوم القتلى (٩)
________________________________________________________
(١) أي تبصر وراءنا تابعة لنا.
(٢) وإنّما أكّد ترى بقوله : رأي عين ، لئلّا يتوهّم أنّ الطّير بحيث ترى لمن أمعن النّظر بتكلّف ، «ثقة» مصدر ، كعدة ، وهو «حال» من الطّير ، أي حال كون تلك الطّير «واثقة» بأنّها ترزق من لحوم من يقتله من الأعداء.
(٣) أي ستطعم تلك الطّير من لحوم قتلى الأعداء.
(٤) بالبناء للمفعول.
(٥) أيضا بالبناء للمفعول ، «الظّل» نائب فاعله.
(٦) بكسر أوّله جمع عقاب ، وهو طير عظيم ، وإضافته إلى «أعلامه» من قبيل إضافة المشبّه به إلى المشبّه ، كما في لجين الماء ، ووجه الشّبه التّلوّن والفخامة.
(٧) أي أعلامه الّتي هي كالعقبان في سرعة وصولها إلى الخصم واصطياده للخصم.
(٨) جمع الضّحوة ، بمعنى امتداد النّهار.
(٩) فعقبان الطّير من شدّة اختلاطها مع الرّايات وقربها منها صارت كأنّها من الجيش إلا أنّها ، أي عقبان الطّير لم تقاتل ، أي لم تباشر القتال ، وهذا استدراك على ما يتوهّم من قوله : «كأنّها من الجيش» ، أنّها قاتلت مع الجيش ، فدفع هذا التوهّم إلا أنّها لم تقاتل.
وكيف كان فكان الكلام إلى هنا في إجمال معنى البيتين ، وأمّا المفاضلة بينهما وبيان الشّاهد فيهما ، وإنّ الثّاني أخذ بعض المعنى من الأوّل ، وأضاف إلى البعض ما يحسنه ما أشار إليه الشّارح ، «فإنّ ابا تمّام لم يلم بشيء من معنى قول الأفوه رأي العين» ، يعني أنّ أبا تمّام لم يأخذ ، أي لم يأت بشيء من معنى قول الأفوه : رأي العين.
والحاصل إنّ أبا تمّام زاد على الأفوه من حيث البلاغة والحسن بثلاثة أشياء :