إمّا عند حضور المشبّه (١) لبعد المناسبة (٢) كما مرّ] في تشبيه البنفسج بنار الكبريت (٣) [وإمّا مطلقا (٤)] وندور حضور المشبّه به مطلقا يكون [إمّا لكونه (٥) وهميّا] كأنياب الأغوال [أو مركّبا خياليّا] كأعلام ياقوت نشرن على رماح من زبرجد.
________________________________________________________
(١) أي عند حضور المشبّه فقطّ.
(٢) أي هذا علّة للعلّة ، أي وإنّما ندر حضور المشبّه به عند حضور المشبّه لبعد مناسبة بينهما.
(٣) فإنّ نار الكبريت وإن كانت بنفسها غير نادرة الحضور في الذّهن إلّا أنّها نادرة الحضور عند حضور صورة البنفسج فيه ، حيث إنّ هيئة البنفسج تجذب الذّهن إليها وتجعله ذاهلا عن غيرها ، لمكان كونها ملائمة للطّبع غاية الملائمة.
(٤) أي وإمّا أن يكون ندوره مطلقا ، أي سواء كان المشبّه حاضرا في الذّهن أو غير حاضر فيه.
(٥) أي إمّا لكون المشبّه به وهميّا ، أي لكونه مدركا بالوهم لا بإحدى الحواسّ الظّاهرة ، كما إذا كان نفسه ومادّته غير موجودين في الخارج ، ومعلوم أنّ المشبّه به إذا كان كذلك لا يدركه إلّا الوهم ، والمراد بالوهم ليس ما يدرك المعنى الجزئيّ كما مرّ في باب الفصل والوصل ، بل المراد بالوهميّ ما لا يكون للحسّ مدخل فيه ، بأن لا يكون نفسه ، ولا مادّته مدركا به ، لكنّه بمثابة لو أدرك لكان مدركا به كأنياب الأغوال ، فإنّها لم تدرك بالحسّ ، لعدم وجودها خارجا ، لكنّها بنحو : لو أدركت لأدركت به كأنياب الأغوال ، ثمّ المراد بالخياليّ في قوله : «أو مركّبا خياليّا» أيضا ليس المعنى الّذي ذكر في باب الفصل والوصل ، من أنّ الخياليّ ما هو مخزون في الخيال من الصّور بعد غيبوبتها عن الحسّ المشترك ، بل المراد به ما مرّ في أوائل هذا البحث من أنّ الخياليّ هو المعدوم الّذي فرض مجتمعا من أمور كلّ واحد منها ممّا يدرك بالحسّ ، وبهذا يفترق عن الوهميّ ، حيث إنّه معدوم فرض مجتمعا من أمور لا يكون كلّ واحد منها مدركا بالحسّ ، كما أنّها مجتمعة كذلك ، وحيث إنّ الخياليّ عبارة عن المعدوم المذكور لا يدركه إلّا المتّسع في المدارك ، فيستحضره في بعض الأحيان ليشبّه شيئا به ، ولازم ذلك أن يكون وجه الشّبه خفيّا ، وهو يوجب غرابة التّشبيه كأعلام ياقوت منشورة على رماح من زبرجد.