فإنّ الرّجل (١) ربّما ينقضي عمره ولا يتّفق له أن يرى مرآة في يد الأشلّ. [فالغرابة فيه] أي في تشبيه الشّمس بالمرآة في كفّ الأشلّ [من وجهين] أحدهما كثرة التّفصيل في وجه الشّبه (٢) ، والثّاني قلّة التّكرّر (٣) على الحسّ. فإن قلت (٤) : كيف تكون ندرة حضور المشبّه به سببا لعدم ظهور وجه الشّبه. قلت (٥) : لأنّه فرع الطّرفين ، والجامع المشترك الّذي بينهما إنّما يطلب بعد حضور الطّرفين ، فإذا ندر حضورهما ندر التفات الذّهن إلى ما يجمعهما ، ويصلح سببا للتّشبيه بينهما. ـ [والمراد بالتّفصيل (٦) أن ينظر في أكثر من وصف] واحد لشيء واحد ، أو أكثر (٧)
________________________________________________________
(١) قوله : «فإنّ الرّجل» علّة لقلّة التّكرّر أي ربّما لا يرى أحد مرآة في يد الأشلّ ، وعلى تقدير رؤيتها في يده ، ـ فلا يتكرّر ، وعلى تقدير التّكرّر فلا يكثر ، فالمحقّق هو قلّة التّكرّر.
(٢) أي وقد صرّح به سابقا بقوله : «إمّا لكثرة التّفصيل».
(٣) أي قلّة تكرّر المشبّه به على الحسّ.
(٤) وحاصل السّؤال : إنّ وجه الشّبه يغاير المشبّه به ، فندرة أحدهما لا توجب ندرة الآخر ، حتّى يقال : إنّ ندرة حضور المشبّه به تكون سببا لعدم ظهور وجه الشّبه ، وكذا ظهور أحدهما لا يقتضي ظهور الآخر ، فلا يلزم من ندرة أحدهما ندرة الآخر.
(٥) وحاصل الجواب : إنّ وجه الشّبه من حيث إنّه مشترك بين الطّرفين فرع عنهما ، فلا يتعقّل إلّا بعد تعقّلهما ، ومنهما ينتقل إليه لكونه المشترك والجامع بينهما ، فلا بدّ وأن يخطر الطّرفان أوّلا ثمّ يطلب ما يشتركان فيه فحينئذ إذا كان أحد الطّرفين نادرا كان الوجه نادرا لكونه فرعا عن الطّرفين من حيث إنّه وجد بينهما ، وأمّا تعليل عدم ظهور وجه الشّبه بندرة حضور المشبّه به دون المشبّه مع أنّ مقتضى ما تقدّم من الجواب أنّ ندرة كلّ من المشبّه والمشبّه به تقتضي عدم ظهور وجه الشّبه ، فلأنّ المشبّه به هو العمدة في التّشبيه الحاصل بين الطّرفين ، فظهور وجه الشّبه وعدمه إنّما يسند إليه ، لكونه عمدة في التّشبيه.
(٦) أي التّفصيل في وجه الشّبه الّذي هو سبب في غرابة التّشبيه ، فاللّام في التّفصيل للعهد الذّكري.
(٧) أي أكثر من وصف واحد ، ثابت لموصوف واحد أو اثنين أو ثلاثة أو أكثر ، فالوصف في التّفصيل لا بدّ أن يكون أكثر منه ، وأمّا الموصوف فقد يكون واحدا ، وقد يكون أكثر منه ، ثمّ إنّه لم يقصد من قوله : «أكثر» التّفصيل لعدم كون الواحد كثيرا ، ليكون الاثنان فصاعدا أكثر منه.