.................................................................................................
______________________________________________________
يطنّ في الأذهان ، على أنّا قد نقول : إنّ علل الشرع ليست من قبل العلل الحقيقية وإنمّا هي معرّفات ، والتعليل إنمّا وقع بياناً للحكمة وإلّا فالعلّة الحقيقية إنّما هي من الشارع ، وهل يعدل بهذا عن تلك الأخبار العالية المنار الظاهرة ظهوراً تامّاً في الدلالة على المختار.
وأمّا موثّقة سماعة (١) «قال : سألته عن الرجل يؤمّ الناس فيسمعون صوته ولا يفقهون ما يقول ، قال : إذا سمع صوته فهو يجزيه ، وإذا لم يسمع صوته قرأ لنفسه» فقد تشعر بالمعارضة ، لأنّ في التعبير بالإجزاء إشعاراً أو ظهوراً في عدم المنع عن القراءة أصلاً أو عدم كونه للحرمة ، وأنت خبير بأنّه لا يقوى على ضعفه وإضماره وقصور دلالته على مقاومة تلك الصحاح الصراح المستفيضة.
فإن قلت : هلا جبرته بالشهرة المنقولة في «الدروس (٢)» وغيره (٣) وبما يظهر من دعوى الإجماع في «التنقيح (٤)» وغيره (٥)؟
قلت : هذه الشهرة لم نتحقّقها فضلاً عن الإجماع ، لأنّ الصدوق والمفيد والسيّد والشيخ وأبا المكارم وابن حمزة والقاضي والتقي وأبا المجد الحلبي وابن إدريس وظاهر الآبي على خلافها كما سمعت ممّا حكيناه أو نقلنا حكايته ، وإنمّا نشأ ذلك من المحقّق وكثير ممّن تأخّر عنه ، سلّمنا وأقصاه أن يكون صحيحاً وأنّى لنا بوضوح دلالته وجبر الشهرة لقصور الدلالة في محلّ التأمّل لكن قد نستنهض ذلك مؤيّداً ، سلّمنا أنّه صحيح واضح الدلالة وأنّ التنقيح في دعوى الإجماع صريح وأنّه لم يحصل لنا ريب فيه ، على أنّ شيئاً من ذلك لم يكن ، لكنّا نقول أين يقعان من تلك الأخبار المستفيضة؟! فتأمّل.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ب ٣١ من أبواب صلاة الجماعة ، ح ١٠ ج ٥ ص ٤٢٤.
(٢) الدروس الشرعية : في الجماعة ج ١ ص ٢٢٢.
(٣) المعتبر : في الجماعة ج ٢ ص ٤٢٠.
(٤) التنقيح الرائع : في الجماعة ج ١ ص ٢٧٢.
(٥) كروض الجنان : في الجماعة ص ٣٧٢ س ١٧ ، والروضة البهية : ج ١ ص ٧٩٦.