.................................................................................................
______________________________________________________
ذلك ، قال : أمّا السفر فلا شكّ أنّه لغةً وعرفاً أن يطوي المسافر بعنوان امتداد ذهابي يذهب ويغيب عن الوطن ، فلا بدّ من قيدين ، أحدهما : الإبعاد عن الوطن ، فلو كان المسافر يمشي ويدور في البلد أو يدور حوله لا يكون مسافراً. والثاني : أن يكون الامتداد الذهابي بعنوان طي مسافة معتدّ بها ، فلو كان يبعد عن الوطن قليلاً ويرجع لا يسمّى مسافراً ، انتهى. ولكنّه قال في موضع آخر منه بعد خمس ورقات : إنّه لو نقص من المسافة شيء قليل لا تتحقّق مسافة القصر إلّا أن يكون الإياب فقط قدر ثمانية أو ما زاد فيكون الإياب فقط سفر القصر ، فكلامه الأوّل ليس على ما يتوهّم منه قطعاً. وأمّا الحكم الثاني فظاهر كلامه السابق قدسسره في الكتاب المذكور اعتبار الامتداد.
وفي «كشف الالتباس (١)» أنّ الشرط كون المقصود ثمانية فراسخ سواء كان الطريق مستقيماً أو مستديراً ، لأنّ الاستقامة والاستدارة لا مدخل لهما في تحديد المسافة لإطلاق الفتاوى والروايات التحديد بالذرع أو مسير اليوم من دون ذكر استقامة واستدارة ، فلو اعتبر أحدهما لوجب ذكره وإلّا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة ، ثمّ إنّه بنى على ذلك وجوب التقصير في زيارة مساجد البحرين ، ثمّ استنهض على ذلك قول المصنّف (٢) في «النهاية والتذكرة» لو أراد السفر إلى بلد ثمّ إلى آخر بعده قصّر إن بلغ المجموع مسافة.
قلت : قد صرّح بذلك الشهيد الثاني في «نتائج الأفكار (٣)» وظاهره أنّه لا كلام فيه. وفي كلام الأصحاب ما هو أصرح ممّا استنهضه مولانا الصيمري. وذلك أنّ الشيخ في «المبسوط (٤)» وجميع من تأخّر ممّن تعرّض لمسألة البلد ذي الطريقين
__________________
(١) كشف الالتباس : في صلاة السفر ص ١٩٣ س ١٤ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣) ولكنّ في العبارة تقديماً وتأخيراً ، فراجع.
(٢) نهاية الإحكام : في صلاة السفر ج ١ ص ١٨٦ ، وتذكرة الفقهاء : في صلاة السفر ج ٤ ص ٤١٢.
(٣) نتائج الأفكار (رسائل الشهيد الثاني) : في صلاة المسافر ص ١٧٥.
(٤) المبسوط : في صلاة المسافر ج ١ ص ١٤٠.