أبي عمير (١) «فإذا طلعت الشمس وقع ظلّ عير إلى ظلّ وعير» والمراد بما بين الظلّين ما بين الجبلين. وإنّما عبّر بالظلّ للتنبيه على أنّ الحدّ هو ما بين الطرفين الداخلين اللّذين هما مبدأ الظلّ فهو تأكيد لمقتضى البينيّة الظاهرة في ذلك. وأمّا منتهى الظلّ فهو غير منضبط بل غير متناه في بعض الأوقات ، فلا يصحّ التحديد به.
وظاهر هذه الروايات ثبوت التقصير في الأربعة مطلقاً لمريد الرجوع وغيره فهي مع النصوص المتقدّمة (٢) على طرفي نقيض ، وغلبة رجوع المسافر لا تقتضي إناطة الحكم به حتّى يكون التحديد بالأربعة تحديداً بالثمانية الملفّقة ، ولولا ما يأتي من أخبار الرجوع لما فهمت الثمانية من الأربعة قطعاً كما لا تفهم الستّة عشر من الثمانية.
وروى الشيخ في الصحيح عن عمران بن محمّد قال : قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السلام) : جعلت فداك إنّ لي ضيعة على خمسة عشر ميلا خمسة فراسخ ، ربّما خرجت إليها فأُقيم فيها ثلاثة أيّام أو خمسة أيّام أو سبعة أيّام فأتمّ الصلاة أم أُقصّر؟ فقال : قصّر في الطريق وأتمّ في الضيعة (٣). وهذا صريح في الاكتفاء بخمسة فراسخ مع انقطاع السفر بالضيعة.
ويعارضه بالخصوص ما رواه في الموثّق عن عبد الله بن بكير عن بعض أصحابنا عن بي عبد الله (عليه السلام) في الرجل يخرج من منزله يريد منزلا له آخر أو ضيعة له اُخرى ، قال : إن كان بينه وبين منزله أو ضيعته الّتي يؤمّ بريدان قصّر وإن كان دون ذلك أتمّ (٤).
وثالثها : الأخبار الدالّة على وجوب التقصير لمريد الأربعة أو البريد بشرط الرجوع مطلقاً سواء كان الرجوع ليومه أو بعد ذلك ، مثل ما رواه الصدوق في الصحيح عن زرارة قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن التقصير ، قال : بريد ذاهب وبريد
__________________
(١) وسائل الشيعة : ب ٢ من أبواب صلاة المسافر ح ١٢ و ١٣ ج ٥ ص ٤٩٧.
(٢) تقدّم في ص ٣٤٦ ـ ٣٥٠.
(٣) تهذيب الأحكام : ب ٢٣ في صلاة السفر ح ١٨ ج ٣ ص ٢١٠.
(٤) تهذيب الأحكام : ب ٥٧ في حكم المسافر والمريض في الصيام ح ٢٣ ج ٤ ص ٢٢١.