جائي ، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أتى ذباباً قصّر وذباب على بريد ، وإنّما فعل ذلك لأنّه إذا رجع كان سفره بريدين ثمانية فراسخ (١).
وقد يناقش في صحّة الحديث بأنّ الصدوق ذكر في مشيخة الفقيه أنّ كلّ ما رواه عن محمّد بن حمران أو جميل بن درّاج فقد رواه عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن محمّد بن أبي عمير عن محمّد بن حمران وجميل بن درّاج (٢) ، وهذا إنّما يقتضي صحّة طريقه إليهما مجتمعين لا منفردين ، وقد أفرد لمحمّد بن حمران (٣) بخصوصه سنداً ، فيكون طريقه إلى جميل وحده مجهولا.
وفيه أنّ الظاهر كون السند المذكور طريقاً إلى كلّ منهما اجتمعا أو افترقا ، فيكون للجميع دون المجموع ولذا اتفق الكلّ على عدّ طريقه إلى جميل صحيحاً. ومحمّد بن حمران المقرون بجميل هو محمّد بن حمران النهدي كما يدلّ عليه التصريح في بعض المواضع. ولعلّ الّذي أفرد له السند هو غير النهدي فلا يلزم التكرار ولا اعتبار الاجتماع. وفي قوله (عليه السلام) : «بريد ذاهب وبريد جائي» مجاز في الإسناد أو الكلمة أو الحذف ، و «جائي» بإثبات الياء فيما وجدناه من النسخ ومقتضى الرسم حذفها ، وكأنّه (عليه السلام) وقف عليها بإشباع الكسرة فجعلت الياء علامة لذلك.
و «ذباب» بالذال المعجمة المضمومة ـ على اسم الحيوان المعروف – جبل بالمدينة كما في «القاموس (٤) والطراز والمجمع (٥)» وغيرها (٦). وهو بالكسر والإهمال موضع بالحجاز قاله في «القاموس (٧)» وعليه ضبط الحديث في
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : في صلاة المسافر ح ١٣٠٣ ج ١ ص ٤٤٩. هذا ولكن في الوسائل
رواها عن أبي عبد الله (عليه السلام) فراجع الوسائل : ج ٥ ص ٤٩٨.
(٢) من لا يحضره الفقيه (المشيخة) : ج ١ ص ٤٣٠ ـ ٤٣١.
(٣) المصدر السابق ص ٤٨٩ ـ ٤٩٠.
(٤) القاموس المحيط : ج ١ ص ٦٨ مادّة «ذَبَّ».
(٥) مجمع البحرين : ج ٢ ص ٥٨ مادّة «ذبب».
(٦) كالفائق في غريب الحديث : ج ٢ ص ٥ مادّة «ذبذب».
(٧) القاموس المحيط : ج ١ ص ٦٥ مادّة «دَبَّ».