وقيل (١) : بل كان عبداً صالحاً ولم يكن نبياً تكفّل لنبيٍّ صوم النهار وقيام الليل وأن لا يغضب وأن يعمل بالحقّ فوفّى فشكر الله له ذلك.
وفي «العيون (٢) والعلل (٣)» وغيرهما (٤) في حديث الشامي الّذي سأل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن ستّة من الأنبياء لهم أسمان ، فقال : يوشع بن نون وهو ذو الكِفل ، ويعقوب وهو إسرائيل ، والخضر وهو تاليا ، ويونس وهو ذو النون ، وعيسى وهو المسيح ، ومحمّد (صلى الله عليه وآله) وهو أحمد صلوات الله عليهم. قيل (٥) : والمشهور بين المؤرّخين أنّ ذا الكفل هو وصي اليسع.
وبالجملة : فالأمر فيه غير متحقّق لاختلاف الأقوال والأخبار فيه ، ولا يبعد أن يكون يهوذا ابن يعقوب لقوله تعالى حكايةً عن يعقوب (عليه السلام) (لن أرسله معكم حتّى تؤتون موثقاً من الله لتأتنّني به إلاّ أن يحاط بكم) (٦) فضمنه يهوذا ووفّى بكفالته لمّا كان من أمر بنيامين ما كان وتخلّف عن إخوته وبقى عند أخيه وهو كبيرهم القائل (فلن أبرح الأرض حتّى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين) فهذا يقضي بحسن الكفالة واستحقاق هذه التسمية ، وحديث النخيلة مع اشتهار القبر الّذي فيها بالكِفل يعطي ذلك ، ويؤيّده أنّ هذا القبر موضوع على القبلة. ولو كان ليوشع أو غيره ممّن بعد موسى (عليه السلام) لكان إلى بيت المقدس ، هذا حديث وقع في البين ، والحديث ذو شجون.
وعلى كلّ حال ، فلا ريب في أنّ النخيلة لم يكن بينها وبين الكوفة بريدان مسيرة يوم حتّى يكون قصره (عليه السلام) لوجود المسافة ثمانية فراسخ. وهذا هو الأمر
__________________
(١) مجمع البيان : في تفسير سورة الأنبياء آية ٨٦ ج ٧ ص ٥٩.
(٢) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) : باب ٢٤ ما جاء عن الرضا (عليه السلام) في خبر الشامي ... ١٩٢ ضمن ح ١.
(٣) علل الشرائع : باب ٣٨٥ نوادر العلل ص ٥٩٦ ضمن ح ٤٣.
(٤) الخصال : باب الستّة ، في ستّة من الأنبياء (عليهم السلام) لكلّ واحد منهم اسمان ص ٣٢٢.
(٥) لم نعثر على قائله ، نعم نقله الأُستاذ في مصابيح الأحكام : ص ١٥٧ س ١٦ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٧٠٠٨).
(٦) يوسف : ٦٦.