الحديث بظاهره مشكل وتقريب الاستدلال به يتوقّف على بيان الإشكال ورفعه على وجه ينطبق على المدّعى. والإشكال فيه من وجوه :
أحدها : إنّ قوله (عليه السلام) : «يتمّ الراكب الّذي يرجع ليومه صومه» يدلّ بمنطوقه على وجوب الصوم على قاصد الأربعة الراجع لليوم ، وهذا إنّما يتمشّى على القول بتخيير مريد الرجوع ليومه في الصلاة دون الصوم أو القول بسقوط اعتبار الأربعة ولو مع الرجوع لليوم مع إلغاء مفهوم الحديث على الأخير ، وهما خلاف الأقوال المعتبرة في المسألة والقول بهما على تقدير ثبوته مرغوب عنه.
وثانيها : إنّ مفهوم هذا الكلام اختصاص الراجع لليوم بوجوب الصوم ، ومقتضاه وجوب الصوم على الراجع ليومه وعدم وجوب الصيام والإتمام على الراجع في غيره وهو خلاف إجماع العلماء كافّة بل خلاف المعلوم بالضرورة من عدم اشتراط القصر فيهما بانتفاء الرجوع لليوم عكس المشهور من اشتراط الرجوع فيه.
وثالثها : إنّ السائل قد سأل عن رجل خرج إلى سوق يتسوّق بها ، وظاهر الحال في المتسوّق عدم الرجوع لليوم ، سواء أخذ طرق البحر أو البرّ وإن قصرت المسافة على الأوّل ، فقوله (عليه السلام) : «ويتمّ الراكب الّذي رجع من يومه» لا ينطبق على السؤال والمنطبق عليه بيان حكم الراجع لغير اليوم ، وغاية الأمر أن يكون السؤال عامّاً شاملا للراجع لليوم وغيره فيجب أن يكون الجواب كذلك ، فالتعرّض للراجع لليوم في الجواب غير مناسب للسؤال.
ورابعها : إنّ سؤال السائل غير مختصّ بالصوم فإنّه سائل عن هذا المسافر القاصد للسوق إذا أتاها على الدابّة أو ركب السفن وهو إمّا سؤال عن الصلاة والصوم معاً أو عن الصلاة على ما هو الكثير الشائع في سؤال الناس ، فينبغي أن يكون الجواب عنهما أو عنها لا عن الصوم وحده لعدم مطابقته لظاهر السؤال ، فظهر أنّ الجواب غير ملائم للسؤال باعتبار الموضوع والحكم معاً ، والبناء على دلالة المفهوم ـ مع فساده هنا كما عرفت ـ لا يرفع الإشكال ، لأنّ الملائم للسؤال