.................................................................................................
______________________________________________________
ويعارض ذلك كلّه ما في «الخلاف» من الإجماع على جواز البعد بنحو الطريق (١) ، والغالب في ذلك كونه بما لا يتخطّى ، على أنّ ما ذهبوا إليه قريب من العرف.
ونسب جماعة (٢) إلى «الخلاف» التحديد بما يمنع من مشاهدته والاقتداء بأفعاله ، والموجود فيه : كون الماء بين الإمام والمأموم ليس بحائل إذا لم يكن بينهما ساتر من حائط وشبهه (٣). وقال بعد ذلك في مسألة اخرى : إذا قلنا أنّ الماء ليس بحائل فلا حدّ في ذلك إذا انتهي إليه يمنع من الإئتمام به إلّا ما يمنع من مشاهدته والاقتداء بأفعاله ، وقال الشافعي : يجوز ذلك ثلاثمائة ذراع ، فإن زاد على ذلك لا يجوز ، دليلنا أنّ تحديد ذلك يحتاج إلى شرع وليس فيه ما يدلّ عليه (٤). وهذا يشعر بجواز الزيادة على ثلاثمائة. ولا يراد به مع اتصال الصفوف ، إذ لا صفوف في الماء إلّا في مثل السفن ، ويمكن أن يريد بالتحديد المنفي نفس الثلاثمائة فيكون انتفاء الزائد بطريق أولى ، فتأمّل جيّداً.
وقال جماعة (٥) : يظهر من المبسوط جواز البعد بثلاثمائة ذراع والموجود في «المبسوط» وحدّ البُعد ما جرت العادة في تسميته بُعداً ، وحدّ قوم ذلك بثلاثمائة ذراع ، قالوا : إن وقف وبينه وبين الإمام ثلاثمائة ذراع ثمّ وقف آخر بينه وبين هذا المأموم ثلاثمائة ذراع ثمّ على هذا الحساب والتقدير بالغاً ما بلغوا صحّت صلاتهم ، قالوا : وكذلك إذا اتصلت الصفوف في المسجد ثمّ اتصلت بالأسواق والدروب بعد أن يشاهد بعضهم بعضاً ويرى الأوّلون الإمام صحّت صلاة الكلّ. وهذا قريب على
__________________
(١) الخلاف : في الجماعة ج ١ ص ٥٥٧ مسألة ٣٠٣.
(٢) منهم العاملي في مدارك الأحكام : في الجماعة ج ٤ ص ٣٢٢ ، والسبزواري في الذخيرة : في الجماعة ص ٣٩٤ س ٢٦ ، والطباطبائي في رياض المسائل : في الجماعة ج ٤ ص ٣٠٣.
(٣) الخلاف : في الجماعة ج ١ ص ٥٥٨ مسألة ٣٠٦.
(٤) المصدر السابق ص ٥٥٩ مسألة ٣٠٨.
(٥) منهم الشهيد الأوّل في ذكرى الشيعة : في الجماعة ج ٤ ص ٤٣٠ ، والعاملي في مدارك الأحكام : في الجماعة ج ٤ ص ٣٢٢ ، والطباطبائي في رياض المسائل : في الجماعة ج ٤ ص ٣٠٢.