.................................................................................................
______________________________________________________
ومتعاكساً اخرى ولا سيّما إذا كان الطريق القريب فرسخاً. وفيما نحن فيه نقول : إنّ طريق رجوعه منحصر في هذه المعاكسة. وقد بيّنا (١) في الشرط الأوّل أنّ المسافة لا يشترط أن تكون امتدادية بل يصحّ أن تكون مستديرة ومتعاكسة ، وممّا يشهد لما نحن فيه ما إذا خرج وردّته الريح أو دارت به الريح فيما هو فوق محلّ الترخّص ، وكذلك ما إذا تجاوزه ورجع لقضاء حاجة.
وأمّا الثالث أعني حيث يكون هناك صورة رجوع من دون قصد أصلاً فلا ريب في عدم صدق الرجوع فيه حينئذٍ ، ولهذا قلنا : إنّ ذهابه إلى المقصد الّذي هو في بعض الطريق الّتي سلكها ليس برجوع إلى بلده ، وقلنا : إنّه ذهاب ، والأمر أوضح من أن يحتاج إلى زيادة التطويل.
ثمّ قال في «الرسالة» : فإن قلت : ما ذكرتم من التقييد والتفصيل لا يجوز العمل به لعدم القائل به من الأصحاب بل أقوالهم في هذا القسم منحصرة في قولين : أحدهما القصر مطلقاً ، والثاني القصر في العود ، فهذا التفصيل إحداث قول ثالث رافع لما وقع عليه الإجماع المركّب. قلنا : لا نسلّم عدم القائل به بل القائل به أكثر الأصحاب ، لأنّهم قد أسلفوا قاعدةً كلّية أنّ كلّ من نوى إقامة عشرة وصلّى تماماً ثمّ بدا له في الإقامة فإنّه يبقى على التمام إلى أن يقصد مسافة جديدة ، وما ذكرناه هنا من أفراد هذه القاعدة وإن كان ظاهرهم أنّها مسألة برأسها (٢) ، انتهى.
وأنت خبير بأنّ فرقه في المقصد بين كونه في جهة بلده وعدمه خرق للإجماع المركّب ، بل قوله بالتمام فيما إذا كان في جهة بلده خرق للإجماع البسيط ، لأنّ الناس متسالمون على أنّه يقصّر في العود وعلى أنّه إذا قصد مسافة جديدة يقصّر ، وقد بيّنا أنّه قاصد مسافة جديدة بالتقريب الّذي تقدّم آنفاً ، فليتأمّل جيّداً.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّه لا فرق في العزم على العود من دون عزم عشرة مستأنفة بين أن يرجع لإكمال العشرة أو لا كأن يكون قد أكملها ولكنّه رجع لإقامة
__________________
(١) تقدّم في ص ٣٢٥ ٣٢٨.
(٢) نتائج الأفكار : في صلاة المسافر ص ١٨٧.