.................................................................................................
______________________________________________________
والحاصل : أنّه بخروجه إمّا أن يريد الذهاب والتمادي في السفر بعد الموضع المفروض كونه دون المسافة أو يريد الرجوع إلى دار إقامته بعده أو لا يحصل عنده أحد الأمرين بل يقصد الخروج إليه مع تردّده فيما يفعله بعد ذلك أيقيم فيه أم ينشئ السفر بعد ذلك أو يرجع ، فبيّنوا حكم الحالة الاولى بأنّه يقصّر ، واختلفوا في الثانية وتركوا الثالثة لما علم من كلامهم في بيان أدلّتهم من أنّه يتمّ فيها.
وممّا ذكرنا يعلم الحال فيما لو خرج لا بنيّة العود والإقامة عشراً ثمّ بعد ذلك عنّ له أن يقيم في موضع الإقامة عشرة مستأنفة ، فإنّه يخرج مقصّراً لعدم المقتضي للتمام ، وهو عزم الإقامة عند الشيخ (١) وعزم العود عند الشهيد (٢) ، ثمّ يتمّ من وقت النيّة لحصول المقتضي له ، كما إذا خرج المسافر إلى مسافة مقصودة ثمّ عنّ له في أثنائها إقامة العشرة في موضع لم يصل إليه بعد ولكنّه دون المسافة فإنّه يتمّ في الطريق وموضع الإقامة ، ثمّ نعتبر نهاية مقصده بعد ذلك. ولو فرض تجدّد نيّة العود لا غير رجع إلى التمام على مذهب الشهيد إلى أن يأخذ في الرجوع فيقصّر.
ولو انعكس الفرض بأن رجع عن نيّة الإقامة المستأنفة بعد الخروج إلى مقصده فإنّه يرجع إلى التقصير لزوال المقتضي للتمام. وكذا لو رجع عن نيّة العود عند الشهيد. هذا تمام الكلام فيما يتعلّق بالقول الثاني.
واعلم أنّ الظاهر أنّ في حكم ناوي العشرة فيما نحن مَن مضى عليه ثلاثون يوماً.
وأمّا القول الثالث وهو الّذي أشرنا إليه في صدر المسألة وهو أنّه يتمّ ذاهباً وآيباً وفي المقصد ودار الإقامة على كلّ حال فقد ذهب إليه جملة (٣) من مشايخنا المعاصرين أفاض الله سبحانه علينا بركاتهم ، ولم أجد لهم على هذا الإطلاق موافقاً من المتقدّمين والمتأخّرين إلّا ما سمعته (٤) مهنّا بن سنان المدني ، وقد عرفت الحال فيه وأنّه ليس موافقاً لهم على التحقيق ،
__________________
(١) المبسوط : في صلاة المسافر ج ١ ص ١٣٦ ١٣٧.
(٢) الدروس الشرعية : في صلاة المسافر ج ١ ص ٢١٤.
(٣) منهم البهبهاني في المصابيح : في صلاة السفر ج ١ ص ١٥٨ س ١٧ ، والأردبيلي في المجمع : ج ٣ ص ٤٤١.
(٤) تقدّم في ص ٥٨٩ ٥٩٠ و ٦٠٥.