مساكنته في الدار كيفما دار ، بل يرجى له أن يختم له بالحسنى ، ويمنح بهذا القرب الصوري قرب المعنى ، ولله در ابن جابر رضياللهعنه حيث قال يمدح أهل المدينة :
هناؤكم يا أهل طيبة قد حقا |
|
فبالقرب من خير الورى حزتم السبقا |
فلا يتحرك ساكن منكم إلى |
|
سواها وإن جار الزمان ولو شقا |
فكم ملك رام الوصول لمثل ما |
|
وصلتم فلم يقدر ولو ملك الخلقا |
فبشراكم نلتم عناية ربكم |
|
فها أنتم في بحر نعمته غرقا |
ترون رسول الله في كل ساعة |
|
ومن يره فهو السعيد به حقا |
متى جئتم لا يغلق الباب دونكم |
|
وباب ذوي الإحسان لا يقبل الغلقا |
فيسمع شكواكم ويكشف ضركم |
|
ولا يمنع الإحسان حرا ولا رقا |
بطيبة مثواكم وأكرم مرسل |
|
يلاحظكم فالدهر يجري لكم وفقا |
وكم نعمة لله فيها عليكم |
|
فشكرا ونعم الله بالشكر تستبقا |
أمنتم من الدجال فيها فحولها |
|
ملائكة يحمون من دونها الطرقا |
كذاك من الطاعون أنتم بمأمن |
|
فوجه الليالي لا يزال لكم طلقا |
فلا تنظروا إلا لوجه حبيبكم |
|
وإن جاءت الدنيا ومرت فلا فرقا |
حياة وموت تحت رحماه أنتم |
|
وحشر فستر الجاه فوقكم ملقى |
فيا راحلا عنها لدنيا تصيبها |
|
أتطلب ما يفنى وتترك ما يبقى؟ |
أتخرج من حوز النبي وحرزه |
|
إلى غيره سفّيه مثلك قد حقا |
لئن سرت تبغي من كريم إعانة |
|
فأكرم من خير البرية من تلقى؟ |
هو الرزق مقسوم فليس بزائد |
|
ولو سرت حتى كدت تخترق الأفقا |