فكل ما يجري على الأنصار بعد ذلك ـ كما حصل في وقعة الحرة ، وسواها ـ يصبح مبررا ، وتقل بشاعته ، ولا يعود مستهجنا.
أردت أمرا ، وأراد الله غيره :
والغريب في الأمر : أن يستدل ذلك الأنصاري على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بقوله : أردت أمرا ، وأراد الله غيره ، وذلك :
١ ـ لأن النبي «صلىاللهعليهوآله» لا يمكن أن يريد أمرا يخالف ما يريده الله تبارك وتعالى ، فهو لا يريد إلا ما يرضي ربه ، ولا يفعل ولا يقول إلا ما أذن الله تعالى له بفعله وقوله ، على قاعدة : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (١).
وهو «صلىاللهعليهوآله» مسدد من الله ، ومؤيد بتأييداته.
٢ ـ ثم إن قتل الناس في حرم الله لم يرده الله تعالى بلا ريب ، فلا يصح نسبته إليه ، بل أراده أولئك العصاة لأوامر رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، والكاذبون عليه ، الذين توعدهم الله بالعذاب الأليم في نار جهنم.
٣ ـ ولو فرضنا : أن ذلك الأنصاري أصاب في استدلاله هذا ، لكان ينبغي أن يلتفت رسول الله «صلىاللهعليهوآله» إلى هذا الدليل قبل كل أحد ، ولكان ذلك يمنع النبي «صلىاللهعليهوآله» من توجيه الأسئلة لخالد حول ما اقترف ، ومن مطالبة الأنصاري بمبرراته التي استند إليها فيما فعل ..
__________________
(١) الآيتان ٣ و ٤ من سور النجم.