وقفات مع الخطبة الشريفة :
إن هذه الخطبة الشريفة تحتاج إلى دراسة متأنية لاستكناه معانيها ، والوقوف على مراميها ، ولعل بيان ذلك يفرض إفراد كتاب مستقل ، ويستغرق وقتا طويلا ، ويحتاج إلى جهد مضن ، يبذله أناس أكفاء ، ومتمرسون أفذاذ ..
فماذا عسانا نقدم في هذه النظرة العابرة والمحدودة ، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله .. فتلك هي بعض اللمحات المختارة من هذا الروض الفواح بالأطياب .. والزاخر بالمعاني العذاب ، كأنها الشهد المذاب ..
وسنذكر هذه اللمحات اليسيرة في فقرات تبين وجهتها عناوين نختارها لها ، وهي التالية :
عتقهم دليل فتح مكة عنوة :
علق الديار بكري على قول رسول الله «صلىاللهعليهوآله» لأهل مكة : إذهبوا ، فأنتم الطلقاء ، فقال :
«فأعتقهم رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وقد كان الله أمكنه من رقابهم عنوة ، فلذلك تسمى أهل مكة «الطلقاء» أي الذين أطلقوا ، فلم يسترقوا ، ولم يؤسروا ، والطليق هو الأسير إذا أطلق» (١).
وكنا قد تحدثنا عن هذا الأمر في فصل سابق ، وقلنا : إن هذه الكلمة من أدلة فتح مكة عنوة ، لا صلحا .. فلا بأس بمراجعة ما ذكرناه هناك ..
__________________
(١) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٨٥.