مع مشاعره الجياشة ، وانسجاما مع عواطفه الثائرة ، بعد كل ما رآه من بغي وطغيان ، وظلم مارسته قريش ضد الإسلام وأهله طيلة أكثر من عشرين سنة.
وفي جميع الأحوال نقول :
إن النبي «صلىاللهعليهوآله» كان يريد حفظ حرم الله والتأكيد على كرامة بيته ، لأن في ذلك حفظ الإسلام .. حتى لو أدى ذلك إلى أن يتمكن بعض الظلمة من أن يفلتوا من العقوبة التي يستحقونها في هذه الدنيا ، ولم يكن يريد حفظ أقاربه وقومه ، بما هم قوم وأقارب ، فقد أثبتت الأيام : أنه «صلىاللهعليهوآله» لا يفكر بهذه الطريقة ، ولا ينطلق في مواقفه من مثل هذه المفاهيم والمعاني.
كما أنه يريد : أن يفسح المجال للناس الذين استضعفهم أولئك المستكبرون ، ليمارسوا حريتهم في الاختيار وفي الممارسة ، وأن يمنع حدوث أي شيء يؤسس لأحقاد ، أو لطلب ثارات ، قد تتسبب في تفجير أوضاع خطيرة على مستقبل الدين وأهله ..
وقد نسبت بعض الروايات إلى النبي «صلىاللهعليهوآله» قوله : «كذب سعد». وهي كلمة قوية وحادة ، إن كان يريد أن سعدا تعمد أن يكذب.
وإن كان يريد أنه لم يصب الواقع ، لاشتباه الأمر عليه ، فظن أن يوم المرحمة هو يوم الملحمة ، فليس في هذه الكلمة إهانة لسعد ، بل هو يريد تخطئته وحسب.
يوم المرحمة ويوم عزّ قريش :
ولا شك في أن الرحمة الإلهية قد شملت أهل مكة بهذا الفتح الذي