المشركين وبين عمر.
وأما المواقف التي كان يظهر فيها عمر شدته عليهم ، فإنما هي في المواقع التي كان يعلم أن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد اتخذ قرارا بعدم التعرض لهم. ولأجل ذلك لم نجده «صلىاللهعليهوآله» أذن له ولو مرة واحدة بإلحاق الأذى بأي فرد منهم ، رغم كثرة طلبه ذلك منه «صلىاللهعليهوآله».
أبو سفيان يقبّل غرز رسول الله «صلىاللهعليهوآله» :
وقد أشرنا أكثر من مرة إلى مشروعية التقبيل للأنبياء والأولياء وآثارهم ، وقد ذكر في الروايات الكثير من الشواهد والدلالات على ذلك ، والروايات المتقدمة أظهرت سعي أبي سفيان ، ومزاحمته للناس حتى مر تحت الرماح ، ووصل إلى النبي «صلىاللهعليهوآله» ، وأخذ بغرزه فقبله ..
ولم يمنعه رسول الله «صلىاللهعليهوآله» من ذلك ، ولا أشار إلى أي تحفظ على هذا التقبيل ، فيدخل تحت قاعدة مشروعية فعل ما سكت المعصوم عن الاعتراض على فاعله ..
ومن جهة أخرى ، فإن أبا سفيان الذي لم يزل يجد في داخله إرهاصات الانتقام من النبي «صلىاللهعليهوآله» والمسلمين استكبارا منه ، وظلما وعتوا قد أصبح في موقع المستجدي لعطفهم ، والمتملق لهم ، والمقبّل لغرز النبي «صلىاللهعليهوآله» ، والمعلن بالمدح والثناء عليه ، فهو يقول له : أنت أبر الناس ، وأوصل الناس ، وأرحم الناس.
فهل يعتبر هذا الرجل ، ويكف عن التآمر ، والكيد ، وبث الفتن والأحقاد؟!