فدخول النبي «صلىاللهعليهوآله» إلى منازل يستولي عليها أولئك الذين حاربوه لربما يستتبع الكثير من التخمينات والحيثيات التي تثير مخاوف أهل مكة وشكوكهم ، ولكنه إذا لم يدخل منزلا ، واكتفى بخيمة تنصب له ، فإن ذلك سوف يطمئنهم إلى أن هذا النبي «صلىاللهعليهوآله» لا يريد المقام في البلاد ولا يرغب في الهيمنة على العباد ، وإنما يريد أن يفسح الطريق أمام الناس للتعرف على الإسلام ، وأن يمنع أعداءه من التعرض له بفنون من المكر والكيد ليمنعوه من الوصول إلى العقول والقلوب ..
إنه لا يريد أموالا ، ولا بلادا ، ولا دارا ، ولا عقارا ، بل يريد لهم العيش الرغيد والسعيد في بلادهم وديارهم ، وبين أهلهم ، فهو حتى في أحرج ساعة تواجههم ، يقدم لهم الدليل تلو الدليل على أنه لا مطمع له بشيء من دنياهم ، وأنه يتعامل معهم بالإنصاف ، وبالرحمة ، والإيثار ، لا بمنطق المنتصر الحانق الذي يتعامل بالنقمة ، ويريد أخذ الثار.
تكريم النبي صلىاللهعليهوآله لأم هاني :
عن ابن عباس قال : إن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» قال لأم هانئ يوم الفتح : «هل عندك من طعام نأكله»؟
قالت : ليس عندي إلا كسر يابسة ، وإني لأستحي أن أقدمها إليك.
فقال : «هلمّي بهنّ» فكسّرهنّ في ماء.
وجاءت بملح فقال : «هل من أدم»؟.
فقالت : ما عندي يا رسول الله إلا شيء من خل.
فقال : «هلميه» ، فصبّه على الطعام ، وأكل منه ، ثم حمد الله ، ثم قال :