وهو حين هاجر ، إنما هاجر إلى الله ، والله أحب إليه من عشيرته ، وذوي رحمه ، وبلده ..
ولتكن هذه العناصر الثلاثة : عبوديته لله تعالى ، ورسوليته الهادية إلى طريق الحق والخير ، وهجرته إلى الله تعالى ، هي الأدلة القاطعة ، والبراهين الساطعة على أنه لا يرغب إلا بأن يكون مع الله ، وفي دار هجرته إليه ، لا في بلده ، ولا مع قومه ، ولا يتخذ عشيرته وذوي رحمه بطانة من دون المؤمنين .. بل المؤمنون هم أهله ، وعشيرته ، دون الناس كلهم.
إذن يخزيك الله :
عن أبي إسحاق السبيعي ، عن ابن عباس قالا : رأى أبو سفيان رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يمشي والناس يطأون عقبه ، فقال بينه وبين نفسه : لو عاودت هذا الرجل القتال ، وجمعت له جمعا؟
فجاء رسول الله «صلىاللهعليهوآله» حتى ضرب بيده في صدره ، فقال : «إذن يخزيك الله».
فقال : أتوب إلى الله تعالى ، وأستغفر الله مما تفوهت به ، ما أيقنت أنك نبي حتى الساعة ، إني كنت لأحدث نفسي بذلك (١).
عن سعيد بن المسيب قال : لما دخل رسول الله «صلىاللهعليهوآله» مكة ليلة الفتح ، لم يزالوا في تكبير وتهليل ، وطواف بالبيت حتى أصبحوا ،
__________________
(١) تهذيب تاريخ ابن عساكر ج ٦ ص ٤٠٦ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ١٠٢ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٤٦ عن ابن سعد ، وعن الحاكم في الإكليل ، وعن البيهقي.