الطلقاء .. والخلافة :
إنه لا ريب في أن الإمامة شأن إلهي وقرار رباني ، لا خيار لأحد فيه ، وهي تثبت بالنص القاطع للعذر عن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، ولكن السياسة الإلهية قد قضت بوضع معايير ، وحدود ، وضوابط ، وقيود ، من شأنها أن تسقط أي تعلل ، وترد أية شبهة ، حتى حينما يحاصر الطامعون والحاقدون النص بحرابهم ، وسيوفهم ، أو يثيرون حوله الشبهات والأقاويل ، وينسجون حوله الترهات والأباطيل.
وقد صرحت النصوص بكثير من الأمور التي حددها للناس أمين الله على وحيه ، وعزائم أمره ، ومن هذه الأمور :
أن الطلقاء لا يحق لهم الاضطلاع بأمر الإمامة ..
ويبدو أن هذا الأمر كان متسالما عليه لدى السلف ، فقد روي عن عمر بن الخطاب : أنه اعترف بذلك ، وأنه قال :
هذا الأمر في أهل بدر ما بقي منهم أحد ، ثم في أهل أحد ، ثم في كذا وكذا ، وليس لطليق ولا لولد طليق ، ولا لمسلمة الفتح شيء (١).
وقال أيضا : «إن هذا الأمر لا يصلح للطلقاء ، ولا لأبناء الطلقاء» (٢).
وعن أمير المؤمنين «عليهالسلام» في كتاب له إلى معاوية : «واعلم أنك من الطلقاء الذين لا تحل لهم الخلافة ، ولا تعقد معهم الإمامة ، ولا يدخلون
__________________
(١) الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٣ ص ٣٤٢ وأسد الغابة ج ٤ ص ٣٨٧ وفتح الباري ج ١٣ ص ٢٠٧.
(٢) الإصابة ج ٢ ص ٣٠٥.