فإن حصل تميز من أي نوع ، فلا بد أن يكون بأمور عارضة اختارها الإنسان وصنعها ، وأما القبائل والشعوب ، فلم يكن لأحد في صيرورتها كذلك أي اختيار ، بل هي فعل إلهي ، فما معنى : أن يدّعي الناس لأنفسهم امتيازات استنادا إلى أمر لم يختاروه ، ولا بذلوا أي جهد في سبيل الحصول عليه؟!
ولذلك يلاحظ : أنه بعد أن قال «صلىاللهعليهوآله» : كلكم لآدم وآدم من تراب ثنّى بذكر الآية الكريمة ، التي تقول : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (١). فقد صرح بأن الإختلاف في الشعوب والقبائل هو من صنع الله تعالى ، موضحا : أنه سبحانه إنما جعل فيهم هذه الخصوصيات من أجل أن يستفيد بعضهم من بعض ، ويكتسبوا من هذا التنوع معرفة إلى معارفهم .. ويكون ذلك سببا في إنشاء العلاقات ، وإقرار الروابط المفيدة ، والرشيدة .. ولم يجعل ذلك سببا للتفاخر والتعالي ، والإنفصال والتباعد.
ثم بيّن أن التفاضل إنما هو بتقوى الله تبارك وتعالى حين قال سبحانه : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ).
السلاح في مكة في عام الفيل ويوم الفتح :
وقد ورد في كلام رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ما يلي : «إن الله تعالى حبس الفيل ، وسلط عليهم (أو عليها) ، رسوله والمؤمنين ..» (٢).
__________________
(١) الآية ١٣ من سورة الحجرات.
(٢) راجع : المحلى لابن حزم ج ١٠ ص ٤٩٧ وصحيح ابن حبان ج ٩ ص ٢٨ والتنبيه والإشراف للمسعودي ص ٢٣٢.