صدق وعده ، ونصر عبده :
١ ـ وقد بيّن «صلىاللهعليهوآله» : أن هذا الفتح العظيم قد كان وعدا من الله ، وقد أنجز تبارك وتعالى وعده ، وهذا يمثل دلالة أخرى لعبّاد الأصنام الذين ما زالوا يحاربونه حتى تلك اللحظة ، ويجهدون للاحتفاظ بشركهم وبأصنامهم ، على أن عليهم أن يتخلوا عن حالة الصلف والعناد ، فهم أحقر وأعجز من أن يتمكنوا من تحدي إرادة الله تبارك وتعالى ..
وها هم يرون بأم أعينهم كيف أن الله أنجز وعده لنبيه الكريم «صلىاللهعليهوآله» ، رغم كل ما كادوه به.
٢ ـ ثم إنه تعالى لم ينسب النصر إلى نفسه ، ولا تبجح ـ والعياذ بالله ـ بتدبيره الذكي ، وخطته المحكمة ، ولا فاخر بجيشه الكبير ، بل نسبه إلى الله دون سواه ، بل هو لم يفسح المجال لاحتمال أن يكون لغير الله أدنى تأثير في هذا النصر حين صرح : بأن الله وحده قد هزم الأحزاب المختلفة التي كانت تتألب عليه ، وتجمع الجموع من كل قبيلة وحي ، ومن مختلف البلاد التي تجد فيها من يعينها ، ويشاركها في عدوانها على الحق وأهله ..
٣ ـ وقد احتفظ «صلىاللهعليهوآله» لنفسه بسمة العبودية التي يأنف الناس من إطلاقها على أنفسهم إلا بضروب من التأويلات ، وفنون من الإيحاءات ، ولو بمثل دعوى التواضع ، وهضم النفس.
والحرب مع المشركين هي في واقعها حرب مع حالة الإستكبار عن الإنصياع لهذه الحقيقة ، والإباء عن الإعتراف بها. فإنهم لا يريدون أن يكونوا عبيدا لله ، بل يريدون أن يكونوا عبيدا لشهواتهم ، ولأهوائهم ، ولعتاتهم ، وساداتهم ، وكبرائهم ، الذين يتخذونهم أربابا من دون الله تعالى.