الإخبار بالغيب عن موضع نزوله صلىاللهعليهوآله :
إن الحديث المتقدم عن اختيار موضع نزوله «صلىاللهعليهوآله» في مكة يدل على أن القرار بذلك لم يكن وليد ساعته ، بل يدخل ضمن خطة كانت قد رسمت منذ وقت طويل ، حيث إنه «صلىاللهعليهوآله» كان قد أخبر جابرا بذلك في المدينة ، قبل مدة ، فلما سمعه جابر يذكر ذلك في مكة تذكّر ما كان في المدينة.
وإذا كان «صلىاللهعليهوآله» لا ينطق عن الهوى ، ولا يفعل إلا ما يريده الله سبحانه ، ويرضاه ، فالنتيجة هي أن ذلك لا بد من أن يكون من مفردات السياسة الإلهية في تربية أهل الإيمان ، وتقديم العبر والعظات للناس جميعا ، مؤمنهم وكافرهم ، فيقيم الحجة على الكافر ليكبته بها ، ويرسخ يقين المؤمن ليسعده به ، ويبعث فيه نفحة أخرى من الوعي للحقائق ويثبّته بالقول الثابت والصادق.
لا ينزل النبي صلىاللهعليهوآله بيوت مكة :
كأن هؤلاء الناس حين يذكرون امتناع النبي «صلىاللهعليهوآله» عن النزول في بيوت مكة ، يريدون الإيحاء بأن السبب في ذلك : أنه لم يكن له «صلىاللهعليهوآله» بيت ينزل فيه ، لأن عقيلا كان قد باع الرباع والمنازل.
والحقيقة هي : أن هذا يدخل في سياق تزوير الحقائق الذي طالما شاهدناه في المواضع المختلفة .. إذ عدم وجود بيت يملكه النبي «صلىاللهعليهوآله» لا يعني أن يتخذ قرارا بعدم دخول أي بيت من بيوت مكة ، ولو كضيف على عمه العباس إن لم يكن يريد شراء بيت فيها .. تماما كما جرى له