والشاهد على ما نقول : شكواها لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» نفسه.
ولكنّ أبا سفيان حين ذهب إلى المدينة يطلب تأكيد عهد الحديبية بعد نقضه طلب من الزهراء «عليهاالسلام» أن تجير بين الناس ، لأنه أراد ذلك منها ليحمي به أولئك القتلة للنساء ، والصبيان ، والضعفاء من حكم رسول الله «صلىاللهعليهوآله» فيهم.
فهو جوار ضد حكم وقرار رسول الله «صلىاللهعليهوآله» في الظالمين والناكثين .. وليس لحمايتهم من الناس إلى أن يصلوا إلى النبي «صلىاللهعليهوآله» ليكون هو الحاكم فيهم.
ما مثلك يجهل الإسلام :
وذكروا : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد قال للحارث بن هشام : «ما مثلك يجهل الإسلام».
ويبدو أنهم أرادوا بهذا الكلام التنويه برجاحة عقل الحارث ، وسلامة تفكيره ، وسداد رأيه ، باعتبار ثناء حظي به على لسان رسول الله «صلىاللهعليهوآله» من بين الكثير من أقرانه.
غير أننا نرى : أن هذا الكلام لا يقصد منه الثناء عليه بقدر ما يقصد به تقريعه ، وتأنيبه على اتباعه لأهوائه ، وعلى ضعفه أمام شهواته وانقياده لميوله ورغباته ، وترك ما يحكم به عقله ، وما ترشده إليه فطرته ، وتقوده إليه الدلائل الظاهرة ، والحجج القاهرة ..