«نعم الأدم الخلّ ، يا أم هانئ لا يفقر بيت من أدم فيه خلّ» (١).
ونقول :
ما أروع وأجمل هذا التكريم النبوي العفوي ، وما أجلّ هذه المبادرة للإعلان عن صافي المودة ، وجميل الوفاء والإخاء لامرأة فاضلة ونبيلة ، يريد أن يعلن للناس كلهم ، وللأجيال اللاحقة ، بعظيم احترامه وتقديره لها ولفضلها ونبلها ، فيخصها بشرف لم ينله أحد من رجالات مكة وعظمائها ، فيدخل منزلها ، ويصلي ويأكل عندها .. ويعاملها بعفوية ظاهرة ، ومودة طافحة بالإجلال والتعظيم ، والمودة والتكريم ..
وقد تجلت وحدة الحال في قوله «صلىاللهعليهوآله» لها : هل عندك من طعام نأكله؟!
ولم يكن لديها إلا كسر يابسة من خبز ، وإلا شيء من خلّ ، جعله «صلىاللهعليهوآله» إداما .. ثم أثنى على هذا الإدام ، وبيّن أن له قيمة كامنة في عمق ذاته ، فقال : «نعم الإدام الخل».
ثم شفع ذلك ببشارة نبوية ، من شأنها أن تدخل السرور والرضا على قلب هذه المرأة الجليلة ، فقال : «يا أم هاني ، لا يفقر بيت من أدم فيه خلّ».
علي عليهالسلام وأم هاني :
وفي الروايات حديث عن إجارة أم هاني لرجلين من المشركين ، وقبول النبي «صلىاللهعليهوآله» ذلك منها. ونحن نذكر أولا هذه النصوص ، ثم
__________________
(١) مجمع الزوائد ج ٦ ص ١٧٦ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٣٥ عن الطبراني.