فلما فرغ رسول الله «صلىاللهعليهوآله» من طوافه لحق بأبي سفيان فقال : «يا أبا سفيان ، لا تكلم هندا ، فإنها لم تفش من سرك شيئا».
فقال أبو سفيان : أشهد أنك رسول الله «صلىاللهعليهوآله» (١).
مع ما سبق : أبو سفيان والإيمان :
١ ـ إن من يراجع حياة أبي سفيان يخرج بحقيقة مفادها : أن هذا الرجل بما تصدى له من أعمال ، وفيما كان له من ممارسات قد عاين الكثير الكثير من دلائل النبوة الظاهرة ، ومعجزاتها القاهرة ، وآياتها الباهرة.
ولكنه كان يصر على رفضها ، ويتعمد تجاهلها ، ويسير في طريق اللجاج ، والمكابرة ، والعناد ، والجحود للحق ، والسعي لطمسه ، ومواصلة الحرب مع أهله ..
والذي ذكر في الروايات آنفا ما هو إلا رشحة يسيرة من تلك الدلالات ، والعبر والعظات.
وهذا يؤكد لنا حقيقة هامة ، وهي :
أن هذا الصلف والعناد للحق يدعونا إلى تصديق تلك الطائفة من النصوص المختلفة والكثيرة ، التي تؤكد : أنه لم يغير نهجه ، وأنه لم يسلم ، وإنما استسلم ، ولما يدخل الإيمان في قلبه ، وأنه لم يزل كهفا لأهل النفاق ، وأنه كان يحلف : أنه ما من جنة ولا نار ، وإنما هو الملك والدنيا (٢).
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٤٧ عن العقيلي ، وابن عساكر.
(٢) راجع : ترجمة أبي سفيان في الإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ، وفي قاموس الرجال ، وغير ذلك.