استلم الحجر ثم ركب راحلته :
كما أن ظاهر عبارة الرواية التي تقدمت : أنه «صلىاللهعليهوآله» قد استلم الحجر قبل الطواف .. ثم طاف وهو راكب ، وصار يستلم الركن بمحجنه ..
فإذا صح هذا ، فيرد السؤال عن سر عودته إلى الركوب ، وترجيحه الطواف كذلك على الطواف ماشيا!
وقد يقال في الجواب : إن المراد هو التشريع العملي للطواف في حال الركوب ، فإن الناس قد يصعب عليهم قبول بعض مفردات التشريع ، ويرون أنها مظنة النقص ، بل هي عندهم مظنة الخطر .. فإذا رأوا النبي «صلىاللهعليهوآله» يمارسها بنفسه ، فإن تأسيهم به يهوّن الأمر عليهم. وذلك نظير قصر الصلاة ، وإفطار المريض ، والإفطار في السفر ، فإنك تجد تحرّجا من الناس في الإقدام على ذلك ، ويصعب عليهم فعله ، ولأجل ذلك جاء التعبير بنفي «الجناح» في قوله تعالى : (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ ..) (١).
ولعل جميع الآيات التي عبرت ب «لا جناح» ، واردة في موارد توهم الحرمة فيها ، أو التحرج من مباشرة الفعل الوارد بعدها (٢).
ويمكن أن يضاف إلى ذلك أيضا : أن ثمة تعمدا من رسول الله «صلى
__________________
(١) الآية ١٠١ من سورة النساء.
(٢) راجع الآيات : ١٥٨ و ٢٢٩ و ٢٣٠ و ٢٣٣ و ٢٣٤ و ٢٣٥ و ٢٣٦ و ٢٤٠ و ٢٨٢ من سورة البقرة ، و ٢٣ و ٢٤ و ١٠٢ من سورة النساء.