قال : يكره أن يبيت بأرض هاجر منها رسول الله «صلىاللهعليهوآله». وكان يصلي العصر ويخرج منها ويبيت بغيرها (١).
ولسنا بحاجة إلى التذكير : بأن امتناع رسول الله «صلىاللهعليهوآله» من المبيت بمكة لم يكن استجابة لحنق شخصي فرض عليه هذا القرار ، بل هو ـ كما أشرنا إليه ـ قرار يرضاه الله ويريده ، وهو من مظاهر طاعة الله سبحانه .. وقد كان «صلىاللهعليهوآله» قد ذكر هذا القرار وهو في المدينة قبل الفتح ، وقد ذكره مرة أخرى في مكة ..
وفي جميع الأحوال نقول :
إن التحدي الذي واجهه الرسول الأكرم «صلىاللهعليهوآله» لم يكن لشخصه ، إنما هو لنبوته ولرسوليته ، ولذلك أخرج من مكة.
وحين فتح مكة ، فإن أهلها انقادوا له لأنه قوي ، لا مجال لمقاومته ، ولم تقبل قلوبهم نبوته ورسوليته ، إلا على سبيل الإقرار اللساني .. ولذلك احتاج إلى أن يتألفهم على هذا الدين ، ويصبر على الكثير من الأذايا والبلايا التي أوصلوها إليه بنحو أو بآخر. وكان كثير منهم يتخذ سبيل النفاق ، فهو يظهر الإسلام ، ثم يكيد له ولأهله الحقيقيين المخلصين.
أي أن محمدا «صلىاللهعليهوآله» كرسول ، لم يدخل مكة بعد .. بل ما جرى هو مجرد نسيم هب على مكة ، لا بد من العمل على أن يتحول إلى ريح تقل سحابا ثقالا بماء الحق والصدق الذي ينعش الأرواح ، وتحيا به النفوس ..
__________________
(١) سفينة البحار ج ٨ ص ٩٣ عن علل الشرائع ص ٣٩٦ وعن عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ٨٤ والبحار ج ٩٦ ص ٨٢ عنهما.