قال العباس : هؤلاء أشجع.
قال أبو سفيان : هؤلاء كانوا أشد العرب على محمد.
قال العباس : وأدخل الله ـ تعالى ـ الإسلام في قلوبهم ، فهذا فضل من الله.
ثم قال أبو سفيان : أبعد ما مضى محمد؟
فقال العباس : لا ، لم يمض بعد ، لو أتت الكتيبة التي فيها محمد رأيت فيها الحديد والخيل والرجال ، وما ليس لأحد به طاقة.
قال : ومن له بهؤلاء طاقة؟
وجعل الناس يمرون ، كل ذلك يقول أبو سفيان : ما مر محمد؟
فيقول العباس : لا ، حتى طلعت كتيبة رسول الله «صلىاللهعليهوآله» الخضراء التي فيها المهاجرون والأنصار ـ وسميت الخضراء لما فيها من الحديد ، والعرب تطلق الخضرة على السواد والعكس ـ وطلع سواد شديد ، وغبرة من سنابك الخيل ، وجعل الناس يمرون ، كل ذلك يقول : أما مر محمد؟
فيقول العباس : لا.
وفي هذه الكتيبة : الرايات والألوية ، مع كل بطن من بطون الأنصار لواء وراية ، وهم في الحديد لا يرى منهم إلا الحدق ، ولعمر بن الخطاب فيها زجل (١) بصوت عال وهو يزعها (٢) ويقول : رويدا حتى يلحق أولكم آخركم.
__________________
(١) الزجل : رفع الصوت.
(٢) وزع فلانا : زجره ونهاه. ووزع الجيش : رتب فرقه ، وسواهم صفا واحدا.