موضوعي قائم يريد رسول الله «صلىاللهعليهوآله» أن يحفظه ، ليحفظ به حياة الناس ووجودهم ، وأمنهم. وهو سعي إلى استصلاح تلك الزعامات ، وإعطائها الفرصة لتغيير أوضاعها بما ينسجم مع الواقع الجديد ، وبما يخدم الأهداف العليا البعيدة المدى ، إذ إن إسقاط تلك الزعامات دفعة واحدة لن ينتج إلا هرجا ومرجا ، ودفع أولئك المتنفذين إلى العبث بأمن الناس ، وبراحتهم ، وربما السعي إلى تضليلهم ، وإخراجهم من دائرة الإيمان ..
مع العلم بأن الذين يمكن أن يأخذوا مكانهم في حفظ الشأن العام لا يملكون تجربة تمكنهم من إنجاز هذا المهم على النحو الأكمل حتى في الظروف العادية ، فكيف إذا كان هذا الإجراء سوف يستتبع وجود مشكلات ووضع عراقيل من قبل أناس يملكون التجربة الطويلة ، ولديهم خبرة عميقة بأحوال الناس الذين يتعاملون معهم ، ويريدون إثارة النزاعات فيما بينهم ..
على أن هؤلاء الناس كانوا لا يملكون من الإمكانات الروحية ما يميزهم عن الزعامات التي يراد إبعادها واستبدالها بهم .. بل الجميع كانوا يشربون من نفس المستنقعات ، ويعيشون في محيط واحد ، ويرفعون نفس الشعارات ، ويمارسون ما كان يمارسه أولئك من سنن وعادات ، ويشاركونهم في انحرافاتهم ، وفي جرائمهم ، وتعدياتهم ..
على أن هذا الإجراء ، بالإضافة إلى أنه سوف يثير الطموح لدى الآخرين ممن يرون انفسهم من أقران هؤلاء ، فإنه لا يحمل معه أية ضمانة لانقياد سائر الناس لهم ، ما دام أن الناس لم يخرجوا بعد بصورة تامة من أجواء الجاهلية ، ولا تخلصوا من وطأة مفاهيمها ، وأعرافها ، بصورة تضمن