ولكن قد ذكرنا بعض الكلام المهم حول حديث كتابة القلم لما كان وما يكون إلى يوم القيامة في موضع آخر من الكتاب ، فراجع (وفود نافع بن زيد الحميري).
وقلنا هناك : إن من التزم بعقيدة الجبر الإلهي إنما استند في ذلك إلى حديث القلم ونظائره.
فظهر من ذلك :
١ ـ أن ما زعمه من أن الكلام في العقائد مستمر في ذرية الأشعريين لا يصح ، لأن هذا الكلام لم يثبت أنه صدر من الأشعريين.
٢ ـ قد تقدم : أن الكثيرين قد سألوا عن أول هذا الأمر ، وعن كثير من الأمور العقائدية ، وكانوا يريدون التفقه في الدين ، فراجع.
ثانيا : إن أبا الحسن الأشعري قد حاول أن يتستر على عقيدة الجبر التي أراد الجبريون تأييدها بحديث القلم ونظائره ، فلجأ إلى التمويه والتعمية ، فجاء بنظرية لا تسمن ولا تغني من جوع ، وهي نظرية الكسب التي اقتصر دورها على كونها قد صعّبت فهم الجبر على السذج والبسطاء من الناس.
قال ابن روزبهان : «مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري : أن أفعال العباد الإختيارية مخلوقة لله تعالى ، مكسوبة للعبد. والمراد بكسبه إياه : مقارنته لقدرته وإرادته ، من غير أن يكون هناك تأثير أو مدخل في وجوده سوى كونه محلا له» (١).
فوجود قدرة العبد مقارنة لفعل الله وخلقه للفعل كعدمها ، فهي كالحجر
__________________
(١) دلائل الصدق ج ١ ص ٣٢٨.