قال : «فهلا سلمتم»؟
فقاموا قياما ، فقالوا : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.
فقال : «وعليكم السلام ، اجلسوا».
فجلسوا ، وسألوا رسول الله «عليهالسلام» عن أوقات الصلاة ، فأخبرهم بها (١).
ونقول :
قد يقال : إننا لا نرى مبررا لعدم مبادرة هذا الوفد إلى السلام على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» إلا عدم معرفتهم بتحية الإسلام ، وخوفهم من أن تكون تحية الجاهلية مرفوضة ، فآثروا السكوت.
ولكن هذا التبرير لا يكفي لتفسير فعلهم هذا ، فإنهم حين عاتبهم النبي «صلىاللهعليهوآله» لم يعتذروا له بجهلهم بتحية الإسلام ، ولا سألوا غيره عن كيفية تحية أهل الإسلام ..
إلا أن يدّعى : أنهم توهموا أن تكون تحية الإسلام بالسلام قد استبدلت بسواها .. أو أنهم ظنوا : أنهم سيتعرضون لسوء ، أو أن ذلك كان سوء أدب ، وجهلا منهم .. وكلها احتمالات ليس لها ما يؤيدها.
غير أن مما لا شك فيه : أنه لم تكن لديهم أية نوايا سيئة ، كما أظهره تصرفهم بعد مطالبة رسول الله «صلىاللهعليهوآله» لهم بذلك.
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٣٤٣ و ٣٥٢ عن ابن سعد ، والطبقات الكبرى لابن سعد ج ١ ص ٢٤٨ والبداية والنهاية ج ٥ ص ١١٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ١٨١.