وفد بني سدوس ، فأهدينا له تمرا ، فنثرناه إليه على نطع ، فأخذ حفنة من التمر ، فقال : «أي تمر هذا»؟
فجعلنا نسمي حتى ذكرنا تمرا ، فقلنا : هذا الجذامي ، فقال : «بارك الله في الجذامي ، وفي حديقة يخرج هذا منها ، أو جنة خرج هذا منها» (١).
ونقول :
لا شك في أن النبي «صلىاللهعليهوآله» كان عارفا بالتمر الذي كان يسألهم عنه ، وقد ذكر لوفد آخر جميع أنواع التمر حتى أدركوا أنه أعرف بأنواع التمر ممن عاش في بلاد هجر ، ولكن سؤاله هذا يؤكد لهم بشريته ، ويدفع عنهم الأوهام التي ربما تكون قد علقت في أوهامهم ، من خلال ما سمعوه من شياطين أهل الشرك ، والكفر : من أن الرسول «صلىاللهعليهوآله» لابد أن يكون ملكا ، أو ما إلى ذلك ..
ثم هو يزيل حزازة ربما تكون قد نشأت عن تداعي المعاني ، بصورة قهرية ، حيث يستذكر الإنسان مرض الجذام الذي تنفر منه النفوس ، وتقشعر له الأبدان ، فإذا عرّفهم بقيمة هذا التمر ، وبأن الحديقة التي يخرج منها ، أو الجنة التي خرج منها مباركة ، فإن الرغبة به ستتضاعف ، والرضا به سوف يتنامى ويتأكد.
على أن من الواضح : أن نفس هذا الثناء على هذا النوع من التمر يشير إلى
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٣٤٣ عن البزار ، وقال في هامشه : ذكره الهيثمي في المجمع ج ٥ ص ٤٣ وعزاه للبزار ، والطبراني بنحوه ، وقال : وفيه جماعة لم يعرفهم العلائي ولم أعرفهم. وكنز العمال ج ١٢ ص ٣٤٢ وج ١٤ ص ١٨٩.