ونقول :
١ ـ إن ما فعله المقداد لم يكن مجرد كرم وسخاء ، بل هو إيثار تعلمه من مدرسة الإيمان والقرآن ، فجزاه الله خيرا ، ورضياللهعنه وأرضاه.
٢ ـ قد أشارت الرواية إلى : أنه «صلىاللهعليهوآله» أراد أن يظهر لهؤلاء الوافدين الكرامة الإلهية ، لكي يلمسوها بأنفسهم ، ليسهل عليهم أمر الإيمان بالغيب ، وبالرعاية الإلهية ، فإن الكثيرين من أهل بلاد العرب ومن غيرها في مختلف الدهور ، وعلى مر العصور ليسوا قادرين على محاكمة الأمور بطريقة عقلية وعلمية صحيحة ، بسبب محدودية معارفهم التي تستفيد منها عقولهم في الوصول إلى النتائج الصحيحة والواضحة ، فلا يكفي أن يقرأ عليهم القرآن ليدركوا إعجازه ، ويؤمنوا بالله وبرسوله ، بل هم يحتاجون إلى ما هو أيسر من ذلك ، وأقرب إلى الحس.
ومن الواضح : أن أقرب الأشياء على تفكيرهم ، وأشدها لصوقا بأحاسيسهم ، هي تلك التي يشعرون بها من خلال حاجة الجسد ، ودعوته لهم لتلبيتها بما يثيره فيهم من الشعور بالخطر على الحياة ، أو التماس اللذة ، أو سد الحاجة وليس ذلك إلا ما يتصل بالطعام والشراب ، الذي به قوام الجسد ، وحفظ الوجود.
فإذا جاءت المعجزة لتلبي لهم هذه الحاجة بالذات ، فإن التفاعل معها ، وإدراك قيمتها لابد أن يعطي الإيمان الناشئ عنها عمقا ورسوخا في الروح ، وتجذرا في الوجدان قد يتجاوز في مداه وفي قدرته ما تعطيه المعادلات الفكرية ، والبراهين العقلية.
وهذا يؤكد لنا قيمة ما ورد في النص المذكور ، «فجعل القوم يقولون :