قد شرفوه ، ومولوه وأخدموه ، وبنوا له الكنائس ، وبسطوا عليه الكرامات ، لما يبلغهم عنه من علمه واجتهاده في دينهم.
فانطلق الوفد حتى إذا كانوا بالمدينة وضعوا ثياب السفر عنهم ، ولبسوا حللا لهم يجرونها من حبرة ، وتختموا بالذهب.
وفي لفظ : دخلوا على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» في مسجده [في المدينة] حين صلى العصر ، عليهم ثياب الحبرات : جبب وأردية ، في جمال رجال بني الحارث بن كعب.
فقال بعض من رآهم من أصحاب رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يومئذ : ما رأينا وفدا مثلهم. وقد حانت صلاتهم. فقاموا في مسجد رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يصلون نحو المشرق (فأراد الناس منعهم).
فقال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : «دعوهم».
ثم أتوا رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فسلموا عليه ، فلم يرد عليهمالسلام ، وتصدوا لكلامه نهارا طويلا ، فلم يكلمهم ، وعليهم تلك الحلل والخواتيم الذهب.
فانطلقوا يتبعون عثمان بن عفان ، وعبد الرحمن بن عوف ، وكانوا يعرفونهما ، فوجدوهما في ناس من المهاجرين والأنصار في مجلس فقالوا لهما : يا عثمان ، ويا عبد الرحمن ، إن نبيكما كتب إلينا كتابا فأقبلنا مجيبين له ، فأتيناه فسلمنا عليه فلم يرد سلامنا ، وتصدينا لكلامه نهارا طويلا فأعيانا أن يكلمنا فما الرأي منكما؟ أنعود إليه ، أم نرجع إلى بلادنا؟
فقالا لعلي بن أبي طالب «عليهالسلام» وهو في القوم : ما الرأي في هؤلاء القوم يا أبا الحسن؟