الأمناء في هذه الأمة كثيرون ، فلما ذا خص أبا عبيدة بهذه الصفة ، أم أن أمانته كانت أقوى أو أشد ، أو أكثر من أمانة سلمان وعمار ، وعلي «عليهالسلام»؟!
وهل يرضى محبو الخلفاء بأن يكون أبو بكر وعمر وعثمان و.. و.. الخ .. ليسوا بهذه المثابة من الأمانة في الأمة؟!
ثانيا : إن أصل هذه القضية مشكوك فيه ، فقد قال الزرقاني : «ذكر ابن إسحاق : أنه «صلىاللهعليهوآله» بعث عليا إلى أهل نجران ليأتيه بصدقاتهم وجزيتهم.
وهذه غير قصة أبي عبيدة لأنه توجه معهم ، فقبض مال الصلح ورجع. وعلي أرسله النبي «صلىاللهعليهوآله» بعد ذلك ، فقبض ما استحق عليهم من الجزية ، ويأخذ ممن أسلم ما وجب عليه من الصدقة» (١).
ولا يخفى أن هذا الجمع تبرعي ، وهو لا يوجب إلغاء احتمال أن تكون قضية أبي عبيدة مكذوبة.
ثالثا : إن مما يزيد الريب في صحة رواية أبي عبيدة : أننا لا نجد مبررا لتأكيد النجرانيين على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» أن يرسل معهم أمينا :
١ ـ إذ متى أرسل من جباة الصدقات وحملة أموال الجزية إليه من خان الأمانة واستولى على الأموال؟!
٢ ـ يضاف إلى ذلك : أن هذا الأمر يعود القرار فيه إلى النبي «صلىاللهعليهوآله» ، فما هذا التدخل منهم في شأن لا يعنيهم؟!
٣ ـ أم أن المقصود هو اتهام النبي «صلىاللهعليهوآله» في رأيه ، أو نسبة
__________________
(١) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج ٥ ص ١٩٠ وفتح الباري ج ٨ ص ٧٤ وعمدة القاري ج ١٨ ص ٢٨.