القوم؟! على اعتبار أن السؤال إنما يكون عن النكرات الذين لا يعرفون ، في حين يرون أن ذكرهم شائع ، وصيتهم ذائع. فأجابوا بما يظهرهم بمظهر الكبار ، مضمّنين إجابتهم ما يشير إلى أنهم يضعون أنفسهم في مصافّ أقدس الناس ، وأطهرهم ، وأعظمهم شأنا ، وأجلهم مكانة وموقعا ..
وكان أقصى ما عندهم أنهم أرادوا الفخر على رجل ينتهي فخرهم إليه ، وهو معدنه ومصدره ، فافتخروا بأن لهم به قرابة ورابطة رحم عن طريق الأم ، لأنهم إخوة قصي لأمه.
ثم افتخروا أيضا : بأن لهم قرابات وأرحام في سائر قريش.
ثم كان عنوان فخرهم الآخر : أنهم عضدوا قصيا ، وأزاحوا خزاعة وبني بكر من بطن مكة .. وكل هذه الأمور منه وإليه .. وبه .. وله «صلىاللهعليهوآله» ..
غير أن قولهم : إنهم أخوة قصي لأمه وإن كان صحيحا ، لكن أم قصي نفسها قد قالت لولدها قصي وزوجها ، وسائر بني عذرة : «أنت والله يا بني أكرم منه نفسا ، ووالدا ، ونسبا ، وأشرف منزلا ، أبوك كلاب بن مرة بن كعب الخ» (١) ..
وأما أنهم هم الذين أزاحوا خزاعة وبني بكر من مكة ، فغير دقيق ، بل غير صحيح ، إن أريد حصر ذلك بهم ، لأن قصيا استعان بأخيه رزاح
__________________
(١) الطبقات الكبرى لابن سعد ج ١ ص ٦٧ ، وتاريخ الطبري ج ٢ ص ١٥ ، وراجع : عمدة الطالب لابن عنبة ص ٢٦ ، والبحار ج ١٥ ص ١٢٤ ، وتاريخ اليعقوبي ج ١ ص ٢٣٧ ، والكامل في التاريخ ج ٢ ص ١٩ ، وسبل الهدى والرشاد ج ١ ص ٢٧٣ ، والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٢.