استقامتهما على العهد إلى أن يلقياه في المحشر .. وهذا لا يختص بهما بل هو يجري على كل الناس ، ولعل تخصيصهما بالذكر لأنه ولا هما أخذ أكيدر. ويريد «صلى الله عليه وآله» أن يظهر قيمة الإيمان والإسلام ، وأنه هو المعيار ، وليس كونه ملكا ، أو سوقة ..
ثانيا : إن اشتراط بقاء الزبير وأبي دجانة على العهد ، قد جاء بلفظ «إن» التشكيكية ، أي التي يؤتى بها عند الشك في تحقق مدخولها ، بخلاف «إذا» التحقيقية ، فإنها يؤتى بها للدلالة على تحقق مدخولها ، قال الزمخشري :
سلم على شيخ النحاة وقل له : |
|
عندي سؤال من يجبه يعظم |
أنا إن شككت وجدتموني جازما |
|
وإذا جزمت فإنني لم أجزم |
قل في الجواب بأن إن في شرطها |
|
جزمت ومعناها التردد فاعلم |
وإذا لجزم الحكم إن شرطية |
|
وقعت ولكن لفظها لم يجزم (١) |
ثالثا : إن الوقائع اللاحقة قد أظهرت : أن الزبير لم يبق على العهد ، فقد خرج على إمام زمانه علي أمير المؤمنين «عليه السلام» ، وقد قتل في تلك الوقعة من المسلمين ما يعد بالألوف ، وربما بعشرات الألوف أيضا ، طمعا منه في الدنيا ، ورغبة عن الآخرة ..
رابعا : إن الروايات الأخرى قد ذكرت مناديل سعد بن معاذ بدلا عن مناديل الزبير ، ونحن لا نمنع من أن يكون قد قال هذه الكلمة مرتين ، أو أنه «صلى الله عليه وآله» قالها في مناسبة أخرى ، ولكن الرواة نقلوها إلى هنا ، فعن البراء قال : أهدى إلي رسول الله «صلى الله عليه وآله» ثوب حرير ،
__________________
(١) راجع : حاشية رد المحتار لابن عابدين ج ١ ص ٩٥.