(فأمسكت) حبست (الحمى بالمدينة) النبوية لكونها لا تقتل غالبا بل قد تنفع كما بينه ابن القيم. وهذا كان أولا ثم لما رأى ما أصاب أصحابه حين هاجروا إليها من حماها من البلاء والسقم دعى الله فنقلها إلى الجحفة حتى صارت لا يمر بها طائر إلا حم (١).
ونقول :
إن هذه الترهات والأباطيل مرفوضة جملة وتفصيلا ، وذلك للأمور التالية :
١ ـ لماذا نقلت الحمى إلى خصوص الجحفة ، وغدير خم ، دون سائر البلاد؟! فإن كان السبب هو شرك أهلها أو كفرهم ، فلما ذا لم ينقلها إلى جميع بلاد المشركين والكافرين؟!.
٢ ـ إذا كان كفرهم أو شركهم هو السبب فما ذنب أبنائهم الذين أسلموا ، وذرياتهم الذين لم يأتوا بعد؟! ولماذا تلازم الحمى الناس الذين يشربون من ماء الجحفة إلى يومنا هذا؟!.
٣ ـ إن الحمى لم تنقطع عن أهل المدينة ، سواء في ذلك ما كان منها وباء ، كما يدل عليه ما يروونه في صحاحهم عن أبي الأسود قال : «قدمت المدينة ، وهم يموتون بها موتا ذريعا» (٢).
__________________
(١) فيض القدير ج ١ ص ١٢٤.
(٢) وفاء الوفاء ج ١ ص ٦١ عن البخاري ، وفتح الباري لابن حجر ج ٣ ص ١٨٢ وج ١٠ ص ١٥١ و ١٦١ وعمدة القاري ج ٨ ص ١٩٦ ومسند أحمد ج ١ ص ٢٢ و ٣٠ و ٤٥ وصحيح البخاري ج ٣ ص ١٤٩ والسنن الكبرى للبيهقي ج ١٠ ص ١٢٣ وعمدة القاري ج ٨ ص ١٩٦ وج ١٣ ص ٢٠٢ وشرح سنن النسائي للسيوطي ج ٤ ص ٥١ ومسند أبي يعلى ج ١ ص ١٣٥ وصحيح ابن حبان ج ٧